تونس، 14 ماي (مايو) 2025 – قضت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، يوم الثلاثاء 13 ماي 2025، بالسجن لمدة ثمانية أعوام ضد علي اللافي، المستشار السابق بوزارة الشؤون الدينية، وذلك في قضية وُصفت من قبل السلطات بـ”قضية أمن قومي”.
كما أصدرت المحكمة حكمًا آخر بالسجن لمدة ثلاث سنوات ضد أستاذ جامعي متعاون سابقًا مع أحد مراكز الدراسات، على خلفية نفس الملف.
خلفية الملف: من محاولة تهريب إلى تهم بالإرهاب
تعود وقائع القضية إلى مارس 2023، حيث تم إيقاف علي اللافي بتهم تتعلق بالمشاركة في محاولة تهريب وزير الفلاحة الأسبق محمد بن سالم خارج البلاد، وحيازة وثائق أمنية وملفات يُزعم أنها سرية وتتصل بـ”الأمن القومي” و”أسرار الدفاع الوطني”.
وقد أحيل المتهمان على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالإرهاب استنادًا إلى تهم تتعلق بـ”توفير وثائق لفائدة تنظيم أو وفاق إرهابي” و”ربط اتصالات مع عناصر أجنبية بقصد الإضرار بمصالح الدولة التونسية”.
توسيع تعريف الإرهاب لتجريم المعارضة السياسية:
يعتبر مرصد الحرية لتونس أن هذه القضية تمثّل نموذجًا لتوظيف تهم الإرهاب والأمن القومي لتصفية الحسابات مع معارضين سياسيين أو شخصيات فاعلة في الفضاء العام.
ويُسجل المرصد خطورة التوجه القضائي نحو تجريم امتلاك الوثائق أو المعلومات حين تكون بحوزة معارضين، وتوصيفها تلقائيًا كتهديد للأمن القومي، حتى في غياب أي أدلة على نوايا عنفية أو انخراط في أعمال إرهابية.
ويرى المرصد أن الحكومة الحالية تعتمد سياسة توسيع تعريف الجريمة الإرهابية لتشمل كل فعل يُمكن أن يُستغل في فضح الانتهاكات أو انتقاد السلطة، كما حصل في حالة اللافي، حيث تم تصنيف حيازته لوثائق على أنها خطر على الدولة، رغم أنها لا تتضمن مؤشرات على نشاط إجرامي.
يدين مرصد الحرية لتونس الحكم الصادر ضد علي اللافي، ويعتبره امتدادًا لمسار قضائي مسيّس يستهدف الأصوات الناقدة والفاعلين المعارضين تحت غطاء تهم أمنية خطيرة، دون تقديم أدلة كافية على ارتكاب أفعال تندرج فعليًا ضمن المعايير الدولية للجريمة الإرهابية.
ويطالب المرصد بـ:
إعادة تصنيف القضية على أساس طبيعتها الحقيقية، بعيدًا عن توظيف قانون الإرهاب.
نشر الوقائع والأدلة للعموم لتبيان مدى سلامة الحكم ومصداقية الاتهامات.
وقف سياسة تجريم الوثائق والمعلومة عندما تكون بحوزة معارضين.
ضمان استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية في القضايا ذات الطابع السياسي.
ويؤكد المرصد أن استعمال قانون الإرهاب في غير محله يُفرغه من مضمونه ويضعف الثقة العامة في العدالة، كما يعكس تحوّلًا خطيرًا نحو دولة تُعامل المعارض السياسي كعدو أمني.