تونس 08 ماي 2025 – أصدرت الدائرة الجناحية السادسة مكرر بالمحكمة الابتدائية بتونس، المختصة في قضايا الفساد المالي، حكمًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات ضد رجل الأعمال والنائب السابق بالبرلمان المنحل رضا شرف الدين، كما فرضت عليه خطايا مالية فاقت 72 مليون دينار، في قضية تتعلق بتحقيق مكاسب مالية بالخارج دون ترخيص من البنك المركزي.وتعود القضية إلى شكاية أثارتها النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، اتهمته بمخالفات تتعلق بالصرف والتمويل الخارجي دون ترخيص قانوني.
ورضا شرف الدين هو من الشخصيات البارزة في المشهدين الاقتصادي والسياسي، وسبق له أن ترأس نادي النجم الرياضي الساحلي، إلى جانب تمثيله للبرلمان قبل حلّه بقرار رئاسي في 25 جويلية 2021.
مسار قضائي متسارع وعقوبة غير متناسبة
يلاحظ مرصد الحرية لتونس أن القضية لم تمر بمسار التدرج الطبيعي المعتمد عادة في الملفات ذات الصبغة المالية، مثل إحالة الملف أولًا إلى البنك المركزي أو محاولة التسوية الإدارية، بل تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن تلتها محاكمة سريعة انتهت بعقوبة مشددة.
ويؤكد المرصد أن الأحكام الصادرة، سواء من حيث السجن أو قيمة الخطايا، تعكس غياب مبدأ التناسب، وتمثل تصعيدًا غير مبرر بالنظر إلى المعايير القضائية المعتمدة سابقًا في قضايا مماثلة.
يرى مرصد الحرية لتونس أن هذه القضية تندرج ضمن مسار متواصل من المحاكمات التي تطال شخصيات عامة ونوابًا سابقين، في ظل تحولات سياسية عميقة تشهدها تونس منذ 2021، وفي غياب ضمانات كافية لاستقلالية القضاء.
ويعبر المرصد عن مخاوفه من أن تتحول قضايا الفساد المالي إلى وسيلة لإقصاء خصوم سياسيين أو رجال أعمال غير منسجمين مع السلطة القائمة، خصوصًا مع غياب رقابة تشريعية فعّالة وهيمنة السلطة التنفيذية على مفاصل القرار القضائي والإداري.
يدين مرصد الحرية لتونس الحكم الصادر ضد رضا شرف الدين، ويعتبره مؤشرًا خطيرًا على توسع دائرة الاستخدام السياسي للقضاء المالي، ويذكّر بأن مكافحة الفساد لا تكون عبر الانتقائية أو المعالجة القضائية الاستثنائية، بل عبر احترام القوانين، وضمان التدرج، وتوفير شروط المحاكمة العادلة.
ويطالب المرصد بـ:
نشر التعليل الكامل للحكم للرأي العام.
احترام الحق في الدفاع، وضمان الإجراءات العادلة في قضايا الصرف.
وضع حد لاستخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية.
التزام الدولة التونسية بمبادئ الفصل بين السلطات، والاستقلال الفعلي للقضاء عن السلطة التنفيذية.