في اليوم الوطني لمناهضة التعذيب، يُذكّر مرصد الحرية لتونس بأن هذه المناسبة تأتي بينما يتواصل في تونس انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان داخل أماكن الاحتجاز، منذ 25 جويلية 2021، تاريخ تركيز السلطة الفردية وانهيار الضمانات القضائية والمؤسساتية.
لقد رصد المرصد، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، أكثر من 14 حالة موثّقة من التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون ومراكز الإيقاف، شملت معتقلين سياسيين، محامين، صحفيين، مدونين، وسجناء حق عام، في انتهاك صارخ للدستور التونسي والمعاهدات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس منذ سنة 1988.
تنوّعت الانتهاكات بين:
تعذيب جسدي وصل إلى حد الحروق والكدمات والإصابات والاهمال الطبي؛
تعذيب نفسي ممنهج عبر العزل الطويل، التجويع، والتحرش؛
الحرمان من العلاج والإهمال الصحي المتعمّد؛
احتجاز في ظروف غير إنسانية داخل زنازين مكتظة، دون تهوئة أو أسِرّة أو شروط سلامة.
وقد سبق أن عبّرت منظمات دولية كبرى مثل منظمة العفو الدولية (Amnesty International) وهيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) عن قلقها البالغ من تزايد هذه الانتهاكات، واعتبرت أن تونس تشهد تراجعًا خطيرًا في احترام الحقوق الأساسية، لا سيما في ما يخص حرية التعبير وضمانات المحاكمة العادلة، واستخدام الاحتجاز وسوء المعاملة كوسائل لترهيب الخصوم السياسيين ونذكر من بينهم:
نور الدين البحيري، سهام بن سدرين، سنية الدهماني، شذى الحاج مبارك، غازي الشواشي، جوهر بن مبارك، أحمد المشرقي، منذر الونيسي، عصام الشابي، عبد الحميد الجلاصي، مهدي زغروبة، محمد بوغلاب، مهدي بن حميدة، إضافة إلى عدد آخر من السجناء السياسيين وسجناء الحق العام على غرار ريان الخلفي الذين لا تزال ظروف احتجازهم محل قلق شديد من قبل المنظمات الحقوقية.
ويؤكد مرصد الحرية لتونس أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، وأن المسؤولية الجنائية والسياسية تطال كل من أمر أو نفّذ أو تستّر، بما في ذلك أعلى هرم السلطة. ويدعو المرصد إلى:
فتح تحقيقات مستقلة بخصوص جميع حالات التعذيب المبلّغ عنها؛
تمكين الضحايا من العلاج والمحاسبة القضائية لمرتكبي الانتهاكات؛
السماح الكامل للهيئات الرقابية الوطنية والدولية بالوصول إلى أماكن الاحتجاز؛
إلغاء القوانين والمراسيم التي تُشرّع الإفلات من العقاب أو تُجرّم الإبلاغ عن التعذيب، وخاصة المرسوم 54 والكف عن استهداف المعارضين السياسيين.
إن استمرار ممارسة التعذيب في تونس، في ظل صمت رسمي وتواطؤ قضائي، يُهدد ما تبقى من دولة القانون، ويحوّل مراكز الإيقاف إلى أماكن للعقاب السياسي، ويقوّض كل مسار نحو العدالة والكرامة.
مرصد الحرية لتونس
في 8 ماي 2025