06 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بجندوبة حكمًا يقضي بسجن الناشط الاجتماعي المنصف الهوايدي لمدة عامين وتخطئته بألف دينار، بعد إدانته استنادًا إلى الفصل 67 من المجلة الجزائية المتعلق بـ”نسبة أمر موحش ضد رئيس الجمهورية”، والفصل 24 من المرسوم عدد 54 الخاص بمكافحة الأخبار الزائفة. وحُمل الحكم صبغة ابتدائية وحضورية مع إلزامه بالمصاريف القانونية.
خلفية القضية:
المنصف الهوايدي، المعروف في الأوساط الشعبية بـ”بائع الهندي” بمدينة طبرقة من ولاية جندوبة، هو ناشط اجتماعي وبيئي ارتبط اسمه منذ سنوات بالدفاع عن حقّ أهالي منطقته في الماء النظيف ورفض استغلال منبع “عين ذكارة” من قبل شركات خاصة. وقد سُجن سابقًا سنة 2018 إثر احتجاجات اجتماعية قبل أن يُفرج عنه بعد حملة تضامن وطنية واسعة.
في ديسمبر 2024، دخل الهوايدي في إضراب جوع وحشي بسجن جندوبة احتجاجًا على حكم سابق بالسجن لمدة سنة بتهمة “خيانة الأمانة”، اعتبرها “قضية ملفقة”، مؤكّدًا أنّه لم يُتح له حقّ الدفاع في تلك المرحلة. وقد تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ، وفق ما أكده محاموه وعدد من أعضاء الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
القضية الجديدة تعود إلى تدوينة نشرها الهوايدي على صفحته بموقع فايسبوك دعا فيها إلى إلغاء المرسوم عدد 54 لما اعتبره “أداة لتكميم الأفواه”، لتُحال تدوينته نفسها إلى القضاء استنادًا إلى نفس المرسوم.
يرى مرصد الحرية لتونس أن الحكم الصادر ضد المنصف الهوايدي يندرج ضمن سلسلة من المحاكمات الانتقائية التي تستهدف حرية التعبير والمحتوى النقدي على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصًا في المناطق الداخلية المهمّشة.
وقد رصد المرصد جملة من الإخلالات البارزة في هذه القضية، أهمها:
تكييف تعسفي لتدوينة على أنها “إهانة لرئيس الجمهورية” دون وجود ألفاظ تحريضية أو تهديد مباشر.
توظيف المرسوم عدد 54 لمعاقبة التعبير السياسي والنقد الاجتماعي، رغم أن نصه وُضع لمكافحة حملات التضليل الإعلامي.
تجاهل الوضع الصحي المتدهور للهوايدي الذي خاض إضراب جوع طويلًا احتجاجًا على أحكام سابقة.
عدم تمكينه من الدفاع في إحدى القضايا السابقة، وفق ما أكده محاموه، في انتهاك لحق التقاضي العادل.
يعتبر المرصد أن الحكم ضد الهوايدي يعكس خطورة توسّع استعمال المرسوم 54 لتجريم التعبير السلمي، وهو ما يتعارض مع أحكام الدستور التونسي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أنّ سجن ناشط اجتماعي بسبب تدوينة نقدية يُبرز طبيعة الانتكاسة التي تشهدها الحريات العامة في البلاد منذ 2021.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
الإفراج الفوري عن المنصف الهوايدي وإلغاء الحكم الصادر ضده.
مراجعة شاملة للمرسوم عدد 54 بما يضمن عدم استعماله ضد حرية التعبير.
فتح تحقيق في ظروف محاكمته وإضرابه عن الطعام، وضمان حقه في الرعاية الصحية.
إيقاف محاكمات النشطاء والمدونين على خلفية آرائهم، خاصة في المناطق الداخلية.
دعوة المقررين الأمميين المعنيين بحرية التعبير والفقر المدقع إلى متابعة القضية ضمن تقاريرهم الخاصة بتونس