Skip links

رفض الإفراج عن سعدية مصباح رئيسة جمعية “منامتي” لمكافحة العنصرية وتأجيل محاكمتها إلى فيفري المقبل

23 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، رفض مطلب الإفراج عن رئيسة جمعية “منامتي” المناهضة للتمييز العنصري سعدية مصباح، وتأجيل النظر في القضية إلى جلسة يوم 26 فيفري 2026، وذلك بعد أكثر من عام ونصف على إيقافها.

وتُحاكم سعدية مصباح على خلفية تهم تتعلّق بشبهات تبييض الأموال والتدليس ومسك واستعمال مدلس في علاقة بتسيير الجمعية، في ملف أدرجته السلطات ضمن ما يُعرف بقضايا الجمعيات الناشطة في مجال الهجرة وشؤون المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.

عرض الوقائع:

مثلت سعدية مصباح أمام هيئة الدائرة الجنائية بحالة إيقاف، في حين يُحاكم بقية أعضاء جمعية “منامتي” في نفس القضية بحالة سراح. وقد تم خلال الجلسة رفض مطلب الإفراج المؤقت عنها، دون تسجيل مستجدات جوهرية في الملف من شأنها تبرير مواصلة الإيقاف التحفظي.

ويأتي هذا القرار في سياق مسار قضائي اتّسم بتكرار التأجيلات وتمديد الإيقاف، رغم تقدّم الأبحاث، وهو ما يجعل من الإيقاف التحفظي، بحكم مدته، إجراءً يقترب عمليًا من العقوبة المسبقة، في تعارض واضح مع مبدأ افتراض البراءة.

تطوّر المسار القضائي:

شهدت القضية مسارًا إجرائيًا متقلّبًا زاد من تعقيد الوضع القانوني للمتهمين. فبتاريخ 4 جويلية 2025، تم ختم البحث مع عدم سماع الدعوى في حق بقية أعضاء الجمعية، والإبقاء على التتبّعات ضد سعدية مصباح، مع شطب تهمة تكوين وفاق، وهو ما اعتُبر آنذاك مؤشّرًا على ضعف الأساس القانوني للتتبّعات.

غير أنّه، وبتاريخ 15 جويلية 2025، صدر قرار عن دائرة الاتهام عدد 10، إثر سحب الملف من دائرة الاتهام عدد 13، يقضي بإرجاع الملف إلى نقطة البداية وبنفس التهم، مع إحالة جميع الأعضاء من جديد. ويرى مرصد الحرية لتونس أن هذا التحوّل المفاجئ في المسار، دون تعليل قضائي مقنع، يعكس حالة من التسويف وغياب الحسم، ويكرّس وضعًا من الاستنزاف القضائي والنفسي للمتهمة وبقية المعنيين بالقضية.

خلفية القضية:

سعدية مصباح هي ناشطة حقوقية تونسية بارزة في مجال مناهضة العنصرية والدفاع عن حقوق الأقليات، ورئيسة جمعية “منامتي”، التي لعبت دورًا محوريًا في الدفع نحو إقرار القانون عدد 50 لسنة 2018 المتعلّق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

تعود أطوار القضية إلى 06 ماي 2024، تاريخ إيقاف سعدية مصباح، إثر مداهمات شملت منزلها ومقر الجمعية، في سياق حملة أوسع استهدفت منظمات المجتمع المدني العاملة في ملفات الهجرة. وقد ترافقت هذه الحملة مع خطاب رسمي صادر عن رئيس الجمهورية، إضافة إلى حملات تشهير وتحريض واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي، ربطت عمل هذه الجمعيات بخطابات “التوطين” و”خطر الاستبدال الديموغرافي”.

موقف مرصد الحرية لتونس:

يرى مرصد الحرية لتونس أنّ المعطيات المتوفّرة في ملف سعدية مصباح تُظهر غياب الأساس القانوني الجدي للتتبّعات، ويعتبر أن الإيقاف التحفّظي المتواصل في حقّها يفتقر إلى مبرّرات موضوعية.

ويؤكد المرصد أن التمويلات التي تلقتها جمعية “منامتي” تمّت في إطار قانوني ومصرّح به لدى الهياكل الرسمية المختصة، بما في ذلك رئاسة الحكومة والجهات الجبائية والبنكية، دون وجود أي تقرير محاسبي أو جبائي رسمي يثبت شبهة الإثراء غير المشروع أو تبييض الأموال، وهو ما يضعف جوهريًا الركن المادي للتهم المنسوبة إليها.

كما يعتبر المرصد أن مواصلة الإيقاف التحفّظي منذ أكثر من سنة ونصف تتعارض مع مبدأ التناسب، خاصة في ظل محاكمة بقية المتهمين في القضية نفسها بحالة سراح، بما يشكّل إخلالًا بمبدأ المساواة أمام القضاء، واستعمالًا مفرطًا للإيقاف كإجراء استثنائي تحوّل عمليًا إلى عقوبة غير مُعلنة.

ويربط مرصد الحرية لتونس هذه التتبّعات بسياق سياسي أوسع اتّسم بتصاعد الخطاب الرسمي الذي يربط نشاط الجمعيات العاملة في ملفات الهجرة ومناهضة التمييز بتهديدات أمنية وديموغرافية، ويعتبر أن هذا المناخ ساهم في توظيف المسار القضائي كأداة ردعية لتجريم العمل المدني والحقوقي المشروع. كما يلاحظ المرصد أن اللجوء إلى تشريعات مكافحة غسل الأموال في سياق نشاط جمعياتي حقوقي، دون إثبات صلة فعلية بجرائم مالية، يمثّل توسّعًا خطيرًا في تجريم العمل المدني، ويتعارض مع التزامات تونس الدولية في ما يتعلّق بحرية تكوين الجمعيات وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

ويؤكد مرصد الحرية لتونس، في هذا الإطار، أن قضية سعدية مصباح لا تندرج ضمن قضايا الفساد المالي، بل تعكس نمطًا متصاعدًا من توظيف القضاء لتضييق الفضاء المدني واستهداف الجمعيات والناشطين العاملين في مجالات قد تتعارض مع خطاب السلطة.

 يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:

– الإفراج الفوري عن سعدية مصباح، أو على الأقل محاكمتها في حالة سراح.
– وضع حدّ لتجريم العمل الجمعياتي والحقوقي تحت غطاء تهم مالية فضفاضة.
– احترام التزامات تونس الدولية في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية تكوين الجمعيات.

شارك

المزيد من المقالات

الرئيس المدير العام السابق لبنك الإسكان أحمد رجيبة

أحكام سجنية وخطايا مالية في ملف قروض بنكية دون ضمانات: إدانة سفيان القلال وأحمد رجيبة ومسؤولين ببنك الإسكان

23 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قضت هيئة الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، بأحكام سجنية وخطايا مالية في ملف يتعلّق بالحصول على قروض بنكية دون ضمانات كافية من بنك الإسكان العمومي. وشملت الأحكام سجن رجل الأعمال في قطاع الزيوت سفيان القلال لمدة أربع سنوات، وسجن الرئيس المدير العام السابق لبنك الإسكان أحمد رجيبة لمدة ثلاث سنوات، وسجن رئيس أحد الفروع البنكية لمدة عامين، مع القضاء بعدم سماع الدعوى في حق إطارين بنكيين آخرين. كما تمّ تسليط خطايا مالية تجاوز مجموعها 13 مليون دينار…

تأخير النظر في قضية “التآمر على أمن الدولة 2” إلى جانفي 2026

22 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بتونس تأخير النظر في القضية المعروفة إعلاميًا بـ“التآمر على أمن الدولة 2” إلى جلسة يوم 19 جانفي 2026، وذلك ضمن مسار استئنافي متواصل أعقب صدور الأحكام الابتدائية في الملف…

19 سنة سجنًا غيابيًا بتهم إرهابية ضد منذر الزنايدي بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024

22 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، ابتدائيًا غيابيًا، بالسجن مدة 19 سنة مع النفاذ العاجل في حق الوزير السابق منذر الزنايدي، وذلك على خلفية قضية وُصفت بأنها ذات طابع إرهابي.

وقد جاءت هذه الإدانة بعد أن كانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أذنت، خلال شهر سبتمبر 2024، بفتح بحث تحقيقي ضد الزنايدي، من أجل تهم تتعلق بـ تكوين وفاق إرهابي، والتحريض على الانضمام إليه، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، إضافة إلى تهم أخرى ذات صبغة أمنية…

وليد الجلاد

إقرار الإدانة مع تخفيف العقوبة في قضية مالية: أربع سنوات سجنًا في حقّ وليد الجلاد

16 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس إقرار إدانة النائب السابق بالبرلمان المنحل والرئيس السابق للنادي الرياضي مستقبل سليمان، وليد الجلاد، مع النزول بالعقاب البدني من ستّ سنوات إلى أربع سنوات سجنًا، وذلك على خلفية القضايا المالية المنشورة ضده…

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.