10 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس تأخير النظر في القضية المرفوعة ضدّ الناشط السياسي خيام التركي إلى شهر نوفمبر المقبل، وذلك في إطار ملف جديد يتعلّق بـ“شبهات تبييض أموال وجرائم مالية” تمّ رفعه ضده مؤخرًا، في سياق متواصل من الملاحقات القضائية ذات الخلفية السياسية.
خلفية القضية:
اعتُقل خيام التركي أول مرة في 11 فيفري 2023 إثر مداهمة أمنية لمنزله على خلفية نشاطه السياسي وتنسيقه مع شخصيات معارضة، واستمر احتجازه الاحتياطي لفترات طويلة وسط انتقادات حقوقية واسعة لغياب ضمانات المحاكمة العادلة.
وفي مارس 2025، دعت اللجنة الدولية للحقوقيين إلى الإفراج عنه فورًا ووقف الملاحقات المسيسة ضمن ما عُرف بـ“قضية التآمر”، معتبرة أن احتجازه المطول دون مبررات قانونية يمثّل اعتقالًا تعسفيًا.
اما القضية الجديدة التي أحيل بسببها التركي إلى الدائرة الجنائية للفساد المالي، وهي ذات صبغة مدنية بالأساس، تتعلق بنزاع عقاري قديم في جهة سجنان بولاية بنزرت حول اقتناء أرض فلاحية تبلغ مساحتها نحو 450 هكتارًا.
يعتبر مرصد الحرية لتونس أنّ هذا الملف الجديد يأتي في إطار تصعيد الملاحقات ضد المعارضين وتوسيع دائرة الضغط القضائي على خيام التركي بعد فشل السلطات في تقديم أدلة حقيقية في قضيتي “التآمر” و“الفساد المالي”.
وتُظهر المعطيات الموثقة أنّ القضية نشأت عن خلاف مدني شخصي بين التركي وبعض المالكين السابقين للأرض، وليس عن جريمة مالية أو عملية استيلاء كما تمّ الترويج له في بعض المنصات.
وفقًا للتحقيقات المنشورة، تمّ إبرام عقد البيع الأصلي في 2 فيفري 2010 بين مجموعة من الورثة والمالكين الأصليين للأرض وبين خيام التركي بموجب اتفاق رسمي موثّق ومسجّل قانونيًا.
وبعد سلسلة من الطعون، أصدرت المحكمة حكمًا في نوفمبر 2011 بعدم سماع الدعوى، ثم تمّ توقيع محضر صلح نهائي في 29 سبتمبر 2012 بين الطرفين. وفي 8 جوان 2023، أصدرت محكمة ماطر حكمًا جديدًا يؤكّد أنّ خيام التركي هو الحائز الشرعي للأرض وألزمت الخصوم بالتخلّي عنها لفائدته.
ويخلص المرصد إلى أنّ حيازة خيام التركي للأرض تستند إلى أسس قانونية سليمة، وأنّ إعادة فتح هذا الملف المدني القديم وتحويله إلى قضية “تبييض أموال” تمثل استغلالًا سياسيًا للسلطة القضائية لتشويه شخصية معارضة واستنزافها قضائيًا، في خرق واضح لمبدأ حجية الأحكام النهائية واستقرار المعاملات المدنية.
يعتبر مرصد الحرية لتونس أنّ مسار تتبع خيام التركي يشهد جملة من التجاوزات التي تؤكد الطابع السياسي للملاحقات:
إطالة أمد الإيقاف التحفظي وتدويره بين قضايا مختلفة دون تعليل قضائي كافٍ.
توظيف القضاء المالي في قضايا ذات طابع مدني أو سياسي لتضييق الخناق على المعارضين.
تراجع استقلال القضاء منذ 2022 بسبب الإعفاءات والتدخلات التنفيذية المباشرة.
التمادي في فتح ملفات مغلقة بأحكام نهائية في خرق لمبدأ الأمن القانوني.
تؤكد هيئة الدفاع عن خيام التركي أنّ هذه القضية مسيسة بالكامل وأنّ موكلها يواجه “تتبعات انتقائية وممنهجة” لا تستند إلى أي مؤيدات مالية أو قانونية، مشيرة إلى أنّ الملف الحالي لا يتضمن سوى نزاع عقاري حُسم منذ أكثر من عقد. كما اعتبرت أنّ استمرار احتجازه ومواصلة فتح ملفات جديدة يمثلان شكلاً من أشكال الاعتقال التعسفي.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
الإفراج الفوري عن خيام التركي لغياب أي مبررات قانونية لاستمرار احتجازه.
وقف توظيف القضاء المالي لتصفية الحسابات السياسية مع الشخصيات المعارضة.
احترام حجية الأحكام المدنية النهائية وإغلاق الملف العقاري نهائيًا.
تعليل قرارات الإيقاف والتأجيل وفق مبدأ الضرورة والتناسب.
ضمان استقلال القضاء وحماية القضاة من الضغوط التنفيذية والسياسية.
إطلاق تحقيق مستقل حول التجاوزات القانونية التي صاحبت إعادة فتح هذه القضية.