نظرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية سوسة 1، يوم الاثنين 6 جانفي 2025، في ملف رجل الأعمال والوزير الأسبق مهدي بن غربية، المتعلق باتهامات بشبهات فساد مالي وإداري في شركتي شحن واستشارات يملكهما. وقد تقرر تأجيل النظر في القضية إلى يوم 27 جانفي 2025 لاستكمال التحريات ومراجعة الأدلة.
تفاصيل القضية وأطوارها السابقة
تعود القضية إلى تحقيقات انطلقت سنة 2021 عقب شكوى تقدم بها أحد المساهمين السابقين في إحدى الشركات المملوكة لبن غربية. وتتعلق التهم بتجاوزات مالية في إدارة موارد الشركتين واستخدام أموال الشركة لتحقيق مصالح شخصية، بالإضافة إلى شبهات بتلاعب في الفواتير والمستندات المحاسبية.
في أكتوبر 2021، أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسوسة 1 قرارًا بفتح بحث تحقيقي ضدّ 13 شخصًا، من بينهم مهدي بن غربية والمديران المالي والإداري، وذلك على خلفية وجود شبهات فساد مالي وإداري بشركتين مختصتين في الشحن والاستشارات على ملك بن غربية.
في نوفمبر 2021، أصدر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية سوسة 1 بطاقتي إيداع بالسجن في حق مهدي بن غربية ووكيل إحدى شركاته، وذلك على خلفية تهم تتعلق بالتدليس ومسك واستعمال مدلس، بالإضافة إلى القيام بعمليات تجارية باعتماد وسائل ملتوية وغير مشروعة.
الأحكام السابقة
في جانفي 2022، قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بسوسة إحالة مهدي بن غربية على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية سوسة 1، بعد النقض الجزئي لقرار ختم البحث المتعلق بملفه التحقيقي، وتوجيه تهم التدليس ومسك واستعمال مدلس، بالإضافة إلى تهمة غسيل الأموال.
وفي 17 فيفري 2024 رفضت الدائرة الجناحية السادسة مكرر المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الإبتدائية بتونس الإفراج عنه بعد النظر في مطلب الافراج المقدم من هيئة الدفاع.
الدفاع والأدلة المقدمة
خلال الجلسات السابقة، استعرض فريق الدفاع عن بن غربية عدة وثائق اعتُبرت إثباتات براءة موكلهم، مشيرين إلى أن التهم الموجهة تفتقر إلى السند القانوني. وأكد فريق الدفاع أن أغلب التحويلات المالية تمّت بموجب عقود قانونية وتراخيص صادرة عن الجهات المعنية، معتبرين أن القضية تحمل أبعادًا سياسية تستهدف مسيرة بن غربية المهنية.
ردود الفعل والسياق العام
تثير محاكمة بن غربية اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية، نظرًا لمكانته كأحد أبرز رجال الأعمال في تونس، إلى جانب كونه وزيرًا سابقًا. ويرى مراقبون أن هذه القضية تعكس تشابكًا بين السلطة القضائية والضغوط السياسية في مناخ يتسم بارتفاع عدد القضايا المرتبطة بشبهات فساد ضد شخصيات بارزة.
تعليق مرصد “الحرية لتونس”
يرى مرصد “الحرية لتونس” أن قضية مهدي بن غربية تطرح العديد من التساؤلات حول مدى احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان في التعامل مع القضايا ذات الطابع السياسي والاقتصادي. إن تكرار توجيه الاتهامات والإجراءات التعسفية بحق بن غربية، يعكس تزايدا مقلقاً لاستغلال الآليات القضائية للضغط والهرسلة وملاحقة رجال الأعمال والتضييق عليهم.
دعوة المرصد
- يدعو مرصد “الحرية لتونس” إلى ضمان محاكمة عادلة ومستقلة لمهدي بن غربية، بعيداً عن أي تأثيرات أو تدخلات سياسية.
- يطالب السلطات القضائية بضرورة توفير الرعاية الطبية اللازمة والفورية لبن غربية، تماشياً مع التزامات تونس بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
- يشدد المرصد على أهمية احترام حقوق الأفراد أثناء التقاضي، وعدم استخدام الاحتجاز المؤقت كوسيلة للضغط أو التنكيل.
إن هذه القضية تعكس، مرة أخرى، حاجة ملحة إلى تعزيز استقلالية القضاء وضمان عدم توظيفه كأداة لتصفية الحسابات السياسية. ويدعو المرصد السلطات التونسية إلى الالتزام بالمعايير الحقوقية الدولية، من أجل الحفاظ على مصداقية النظام القضائي وضمان احترام الكرامة الإنسانية.