18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قضت الدائرة الجناحية المختصة في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس بسجن رجل الأعمال ماهر شعبان لمدة عامين، في قضية تتعلق بما سُمّي “تكوين مكاسب مالية في الخارج دون ترخيص من البنك المركزي التونسي”.
خلفية القضية:
أُحيل ملف ماهر شعبان على القضاء الاقتصادي والمالي بعد تحقيقات زعمت تورطه في “تحويل أموال دون ترخيص رسمي” و“تكوين مكاسب غير مشروعة”، وهي تهم شائعة في السنوات الأخيرة ضد رجال أعمال بارزين تم تجميد أموالهم ومصادرة ممتلكاتهم في سياق ما وصفته السلطات بـ”حملة تطهير اقتصادي”.
لكنّ مصادر قانونية وهيئة الدفاع تؤكد أن أغلب الملفات تفتقر إلى أدلة مالية قاطعة، وتعتمد على تقارير إدارية أولية أو مراسلات غير مكتملة من البنك المركزي، دون وجود عمليات تحويل مثبتة أو أضرار مالية فعلية.
ماهر شعبان، المعروف باستثماراته في قطاع العقارات والمقاولات، كان من بين رجال الأعمال الذين عبّروا عن تحفظهم على تدخل الدولة في القطاع الخاص بعد 2021، كما يُعرف بعلاقاته القديمة بعدد من المسؤولين والنواب السابقين، وهو ما جعله ربما في مرمى الاستهداف السياسي بعد تفكيك شبكة رجال الأعمال المقربين من الحكومات السابقة.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ القضية الموجهة ضد ماهر شعبان تندرج في إطار سياسة انتقائية لتجريم رجال الأعمال غير الموالين للنظام، تحت غطاء “مكافحة الفساد” و“استرجاع الأموال المنهوبة”.
فالملف الحالي، شأنه شأن ملفات مشابهة لرجال أعمال مثل محمد فريخة أو شفيق جراية، يتّسم بضعف البنية القانونية، غياب الإثباتات المحاسبية الدقيقة، واعتماد القضاء على تهم إنشائية تفتقر إلى المعايير المالية الدولية للتحقق من تبييض الأموال أو التهرب الضريبي.
ويؤكد المرصد أنّ التشهير الإعلامي الممنهج الذي رافق إعلان الحكم، عبر مواقع مقربة من السلطة، يهدف إلى ترسيخ سردية رسمية تُشيطن رجال الأعمال السابقين وتبرر التتبعات ضدهم باعتبارها “معركة ضد الفساد”، في حين أنّ الواقع يكشف استعمال القضاء المالي كسلاح سياسي ضدّ الخصوم الاقتصاديين.
كما يذكّر المرصد بأنّ الحق في محاكمة عادلة يقتضي توافر ضمانات قانونية واضحة في جرائم الصرف والتحويلات الخارجية، وعلى رأسها وجود ترخيص مصرفي أو قرار رسمي من البنك المركزي يثبت المخالفة، وهو ما لم يُقدَّم في ملف ماهر شعبان بحسب الدفاع.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
الكشف عن تفاصيل الملف المالي وتقديم الأدلة المحاسبية التي بُني عليها الحكم، ضمانًا للشفافية.
وقف التتبعات الانتقائية ضد رجال الأعمال المعارضين أو المستقلين عن السلطة السياسية.
إجراء مراجعة شاملة لسياسة الملاحقات الاقتصادية التي تُستعمل لتصفية النفوذ القديم تحت غطاء مكافحة الفساد.
احترام قرينة البراءة وضمان استقلال القضاء المالي عن التوجيهات السياسية أو الإعلامية.
مراجعة القوانين المنظمة للتحويلات المالية لتجنب تأويلها الفضفاض في الملاحقات ذات البعد السياسي.




