25 أكتوبر (تشرين الأوّل) 2025 – قرّرت السلطات التونسية يوم أمس تعليق نشاط الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات لمدة شهر كامل، بدعوى “مراجعة التمويلات والوثائق المالية”، وذلك استنادًا إلى المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المنظّم لعمل الجمعيات. وقد أكّدت رئيسة الجمعية أنّ القرار جاء بشكل مفاجئ ودون إخطار مسبق، واعتبرته قرارًا تعسّفيًا يستهدف واحدة من أبرز المنظمات النسوية في تونس، معلنةً نية الجمعية الطعن في القرار قضائيًا.
العرض القانوني:
ينصّ المرسوم عدد 88 لسنة 2011 على وجوب احترام الجمعيات لواجب الشفافية المالية، لكنه لا يمنح الإدارة صلاحية تعليق النشاط إلا في حالات محدودة ومعلَّلة. ووفق ما ورد من معطيات، لم تتبيّن للجمعية أسباب واضحة أو مؤيّدات قانونية تبرّر التعليق، خصوصًا وأنها كانت قد سلّمت الوثائق المطلوبة في وقت سابق ضمن مراسلة رسمية إلى وزارة العلاقة مع المجتمع المدني.
من الناحية الحقوقية، يُعدّ هذا الإجراء سابقة خطيرة تمسّ بحرية تكوين الجمعيات، وتفتح الباب أمام استعمال سلطة الإدارة لتقييد المنظمات المستقلة، خاصة تلك الناشطة في مجال حقوق النساء والمساواة والعدالة الجندرية.
خلفية الملف:
يأتي هذا القرار في مناخ عام يتّسم بتصاعد التضييقات الإدارية والأمنية على الجمعيات المستقلة، وخصوصًا تلك التي تنتقد السياسات الحكومية أو تشتغل على ملفات حسّاسة كالحريات الفردية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وتشير منظمات تونسية ودولية إلى أنّ تونس تشهد منذ 2021 تراجعًا ممنهجًا في مساحة الحريات العامة، من خلال المراقبة المالية الانتقائية، ومنع الاجتماعات، وفتح تحقيقات ضدّ منظمات حقوقية.
الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تُعدّ من أقدم المنظمات النسوية في البلاد، وقد لعبت دورًا تاريخيًا في الدفاع عن مكاسب النساء، ومناهضة العنف، ومتابعة قضايا المساواة. ويعتبر تعليق نشاطها مساسًا مباشرًا بإحدى ركائز المجتمع المدني التونسي المستقلّ.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
إلغاء قرار تعليق نشاط الجمعية فورًا وضمان عودتها للعمل بحرّية.
احترام استقلالية منظمات المجتمع المدني ووقف التوظيف السياسي للإجراءات الإدارية والقانونية ضد الجمعيات المستقلة.
إطلاق حوار وطني عاجل مع المنظمات النسوية والحقوقية حول مستقبل العمل المدني في تونس وضمان عدم تكرار مثل هذه القرارات التعسفية.
ويؤكد مرصد الحرية لتونس تضامنه الكامل مع الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، واعتباره أن الدفاع عن حرية التنظيم وحق الجمعيات في النشاط هو دفاع عن جوهر الدولة الديمقراطية وحقوق الإنسان.




