22 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بتونس تأخير النظر في القضية المعروفة إعلاميًا بـ“التآمر على أمن الدولة 2” إلى جلسة يوم 19 جانفي 2026، وذلك ضمن مسار استئنافي متواصل أعقب صدور الأحكام الابتدائية في الملف.
عرض الوقائع:
يأتي قرار التأخير بعد أن كانت الدائرة الجنائية الخامسة المختصّة بقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس قد أصدرت، بتاريخ 08 جويلية (يوليو) 2025، أحكامًا ابتدائية تراوحت بين 12 و14 سنة سجنًا في حقّ المتهمين المحالين بحالة إيقاف أو سراح، و35 سنة سجنًا في حقّ المتهمين المحالين بحالة فرار.
ويشمل ملف القضية عددًا من الشخصيات السياسية والعامة، من بينهم راشد الغنوشي، يوسف الشاهد، نادية عكاشة، الحبيب اللوز، إلى جانب متهمين آخرين.
خلفية القضية:
تُعدّ قضية “التآمر على أمن الدولة 2” امتدادًا مباشرًا للملف الأوسع المعروف إعلاميًا بـ“التآمر على أمن الدولة”، الذي انطلقت أبحاثه منذ فيفري (فبراير) 2023، وشمل سياسيين، محامين، نشطاء، وشخصيات مدنية معارضة. وقد جرى توصيف هذا الجزء من الملف في التقارير الحقوقية والقانونية المتخصصة باعتباره مرحلة ثانية أو حزمة أحكام لاحقة ضمن السياق القضائي نفسه.
وتستند التتبّعات في هذا الملف إلى تهم فضفاضة، من بينها المساهمة في مخطط للإضرار بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، والمسّ بسلامة الدولة، وتغيير طبيعة نظام الحكم، والانتماء إلى تنظيمات أو شبكات يُوصَف نشاطها بالإرهابي، فضلًا عن تهم تتعلق بالتحريض والتواصل مع أطراف أجنبية. وقد أُسّست هذه التهم أساسًا على أحكام قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015 وبنود متصلة بالأمن القومي.
رافقت هذه القضية منذ انطلاقها انتقادات حقوقية محلية ودولية، عبّرت عنها منظمات مثل هيومن رايتس ووتش واللجنة الدولية للمحامين، إضافة إلى هيئات أممية، معتبرة أن الملف يعكس توسّعًا مقلقًا في توظيف تشريعات الإرهاب والأمن القومي ضد معارضين سياسيين ومدنيين.
كما وثّقت تقارير حقوقية إخلالات إجرائية، من بينها المساس بحقوق الدفاع، صعوبات النفاذ إلى الملفات، المحاكمات عن بُعد، وقصر آجال الإعلام بمواعيد الجلسات، فضلًا عن ملاحقات طالت محامين على صلة مباشرة بالقضية.
موقف مرصد الحرية لتونس:
يرى مرصد الحرية لتونس أن تأخير النظر في الاستئناف يكرّس حالة من اللايقين القانوني بالنسبة إلى المتهمين وعائلاتهم، ويُطيل أمد التقاضي في قضية ذات طابع سياسي واضح، صدرت فيها أحكام ابتدائية ثقيلة.
ويؤكد المرصد أن هذا الملف يُجسّد انزلاقًا خطيرًا في استعمال القضاء الجزائي، وخاصة تشريعات مكافحة الإرهاب، كأداة لإدارة الصراع السياسي، بما يُقوّض ضمانات المحاكمة العادلة ومبدأ التناسب بين الأفعال والعقوبات.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
-ضمان محاكمات عادلة وعلنية تحترم كامل حقوق الدفاع، خاصة في القضايا ذات الخلفية السياسية.
-وقف التوظيف الواسع للتهم ذات الصياغة الفضفاضة المرتبطة بالأمن القومي والإرهاب ضد المعارضين السياسيين.
-الإفراج عن المتهمين أو محاكمتهم في حالة سراح، ما لم تُقدَّم مبرّرات قانونية جدّية ومحدّدة للإيقاف.
-احترام استقلال القضاء وإبعاده عن أي ضغط أو توظيف سياسي.




