27 أكتوبر (تشرين الأوّل) 2025 – قرّرت محكمة الاستئناف بتونس تأجيل النظر في ما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة 1”، التي يُحاكم فيها عدد من الشخصيات السياسية المعارضة، من بينهم خيام التركي وعبد الحميد الجلاصي ورضا بلحاج، إلى يوم 17 نوفمبر المقبل، بعد جلسة اتسمت بإخلالات إجرائية خطيرة وغياب الإعلام المسبق لهيئة الدفاع والمتهمين.
وأفادت مصادر حقوقية مطلعة لمرصد الحرية لتونس أنّ تعيين الجلسة تمّ بشكل مفاجئ دون إشعار رسمي للموقوفين أو لمحاميهم كما أنها ستلتئم عن بُعد (عبر الشاشات)، ما يُعتبر انتهاكًا واضحًا لحقّ الدفاع ولمبدأ المحاكمة العادلة وعبّر المحامون عن رفضهم مواصلة المرافعة في ظلّ هذا الخرق الإجرائي، وأعلن عميد المحامين أنّ الهيئة قررت تعليق أي إعلام بالنيابة إلى حين تصويب الوضع القانوني.
ممارسات استثنائية ومحاصرة للإعلام:
رصد مرصد الحرية لتونس تطويقًا أمنيًا كثيفًا لقصر العدالة بالعاصمة، ومنعًا للصحفيين، بمن فيهم مراسل وكالة تونس إفريقيا للأنباء، من تغطية جلسة المحاكمة، إلى جانب منع عائلات الموقوفين من دخول القاعة.
ويعتبر المرصد أنّ هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا لمبدأ علنية الجلسات وحقّ العموم في النفاذ إلى المعلومة وتكرّس سياسة التعتيم، خصوصًا في القضايا التي تحظى باهتمام الرأي العام، وتهمّ شخصيات سياسية معارضة.
خلفية القضية:
تُعدّ قضية “التآمر على أمن الدولة 1” من أبرز الملفات السياسية المفتوحة منذ فبراير 2023، إذ شملت عددًا من القيادات السياسية من اتجاهات مختلفة، بينهم خيام التركي (حزب التكتل)، وعبد الحميد الجلاصي (النهضة سابقًا)، ورضا بلحاج وجوهر بن مبارك (جبهة الخلاص) وغازي الشواشي (التيار الديمقراطي سابقا) وعصام الشابي (الحزب الجمهوري) ولزهر العكرمي (نداء تونس) وآخرون.
وقد وجّهت إليهم النيابة العمومية تهمًا تتعلق بتكوين وفاق والتآمر المقصود لتبديل هيئة الدولة، طبقًا للفصول 68 و72 و96 من المجلة الجزائية.
ورغم مرور أكثر من عامين على انطلاق التتبعات، لم تُقدَّم إلى اليوم أدلة ملموسة تبرّر هذا التكييف الخطير، ما جعل المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية تعتبر القضية مسارًا سياسيًا بامتياز يهدف إلى تصفية المعارضة وتكميم الأصوات المنتقدة.
كما أنّ العديد من الموقوفين في هذا الملف قضّوا فترات مطوّلة في الإيقاف التحفظي تجاوزت الآجال القانونية دون إصدار أحكام نهائية، وهو ما أثار انتقادات واسعة من نقابة المحامين وهيئات الدفاع ومنظمات دولية، على غرار هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
ضمان علنية المحاكمات وتمكين المتهمين من حضور قاعة المحكمة والسماح للصحفيين من التغطية دون قيود.
احترام حقّ الدفاع وإشعار المحامين والمتهمين قانونيًا بمواعيد الجلسات والتأجيلات.
إنهاء التوظيف السياسي للقضاء ووضع حدّ لمحاكمات المعارضين بتهم ذات صبغة أمنية.
تمكين جميع الموقوفين في هذا الملف من محاكمة عادلة ومستقلة تُراعي المعايير الدولية لحقوق الإنسان.




