Skip links

تأجيل النظر في قضية “المسامرة الرمضانية”: مواصلة تجريم الخطاب السياسي وتآكل ضمانات المحاكمة العادلة

راشد الغنوشي

تونس 01 أكتوبر (تشرين الأوّل) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل جلسة محاكمة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي  إلى جانب مدير مكتبه أحمد المشرقي وعضو مجلس شورى الحركة يوسف النوري، وهما بدورهما في حالة إيقاف. كما حضر بحالة سراح مع تحجير السفر البرلمانيان السابقان لحركة النهضة محمد القوماني وبلقاسم حسن، إضافة إلى  محمد شنيبة وعبد الله الصغيري وموفق بالله الكعبي في الملف المعروف إعلاميًا بـ”المسامرة الرمضانية”. وقد تمسّك الغنوشي بمقاطعة الجلسة كما فعل في ملفات سابقة، احتجاجًا على مسار التقاضي والتوظيف السياسي للقضاء. وذكرت هيئة الدفاع أنّها جدّدت مطالبها بالمحاكمة الحضورية وعلنيتها وفتح القاعة لوسائل الإعلام والمراقبين المستقلّين.

خلفية القضية:

تعود أطوار هذا الملف إلى مداخلة علنية خلال فعالية سياسية سنة 2023 (“المسامرة الرمضانية”)، نُسب فيها إلى الغنوشي تهمة التآمر بسبب تصريح له يحذّر فيه من دعوات الاستئصال وما يخلّفه من تهديد للسلم الأهلي وتقسيم للشعب التونسي. ومنذ ذلك التاريخ وُجّهت لعدد من قيادات النهضة تهمٌ من قبيل “تدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة” و“حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضًا” و“التآمر على أمن الدولة الداخلي”. ويأتي هذا التأجيل في سياق أوسع من محاكمات متعاقبة طالت معارضين وسياسيين وصحفيين، مع اعتماد آلية المحاكمة عن بُعد في عديد الجلسات، وما يرافقها من انتقادات تتعلّق بعرقلة التواصل الفعّال بين المتهم ومحاميه وتقليص شفافية الإجراءات.

يرى المرصد أنّ تواصل محاكمة قيادات سياسية على خلفية خطاب سياسي علني، وتكرار الجلسات المؤجلة دون تمكين فعلي من المحاكمة الحضورية والعلنية، يمسّ جوهر الحق في محاكمة عادلة ويكرّس مناخًا منغلقا ضدّ التعبير السياسي السلمي. كما يعتبر المرصد أنّ ربط التصريحات السياسية بتهم خطيرة على غرار “التآمر على أمن الدولة” مع عدم القدرة على اثبات “أعمال إجرامية” محدّدة وواضحة، يوسّع هامش التجريم ويقوّض الثقة في استقلال القضاء.

يطالب المرصد بـ:

  • تمكين جميع المتهمين في هذه القضية من محاكمة حضورية وعلنية، مع ضمان التواصل المباشر والفعّال مع الدفاع.

  • اطلاق سراح المتهمين والكفّ عن الملاحقات المبنية على تصريحات ومواقف سياسية.

  • احترام معايير المحاكمة العادلة والإجراءات السليمة، ورفع القيود الإجرائية التي تحدّ من حضور العائلات والإعلام والمراقبين.

  • تحييد القضاء عن التجاذبات السياسية، وضمان استقلاله المؤسسي والوظيفي.

شارك

المزيد من المقالات

صابر شوشان

الحكم بالإعدام على مواطن بسبب تدوينات تنتقد الرئيس: خروقات جسيمة وإجراءات باطلة

04 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أصدرت المحكمة الابتدائية بنابل حكمًا بالإعدام ضدّ المواطن صابر شوشان (56 سنة)، بعد إدانته بتهم تتعلق بـ”إهانة رئيس الجمهورية” و”الاعتداء على أمن الدولة الداخلي”، استنادًا إلى منشورات وتدوينات على موقع فايسبوك. ويُعدّ هذا الحكم سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي بعد 2011، ويمثل تصعيدًا غير مسبوق ضد حرية التعبير والرأي في البلاد…

منع محمد بن سالم من إجراء عملية جراحية بالمنظار في العاصمة ومواصلة فرض إقامته الجبرية

02 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أكدت عائلة الوزير الأسبق محمد بن سالم أنّ السلطات التونسية منعته من التنقل إلى العاصمة لإجراء عملية جراحية دقيقة بالمنظار، ما اضطره إلى الخضوع للجراحة بالطريقة التقليدية في مدينة قابس لغياب التجهيزات الطبية اللازمة. ويعتبر هذا القرار شكلاً من أشكال التنكيل السياسي، خاصة وأنّ بن سالم خرج من السجن على كرسي متحرك ويعاني من أمراض مزمنة وهو في سن الـ 72 عاما…

رفض الإفراج عن العكرمي واللوز يعمّق المخاوف من المحاكمات ذات الطابع السياسي

04 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية لقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل النظر في الملف المتعلق بوكيل الجمهورية الأسبق البشير العكرمي والقيادي بالحركة الحبيب اللّوز إلى نوفمبر القادم، مع رفض جميع طلبات الإفراج عنهما…

حكم بالإعدام على مواطن بسبب تدوينات فايسبوك يثير صدمة حقوقية في تونس

03 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بنابل حكمًا ابتدائيا بالإعدام ضد مواطن تونسي على خلفية تدوينات نشرها على موقع فايسبوك، وذلك بتُهم ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية (الفصل 67 من المجلة الجزائية)، ونشر أخبار زائفة تستهدف موظفًا عموميًا أو شبهه (الفصل 24 من المرسوم 54)، والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة (الفصل 72 من المجلة الجزائية). وهي من بين أكثر التهم توظيفًا في المحاكمات السياسية وقضايا الرأي في تونس خلال السنوات الأخيرة…

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.