Skip links

أحكام قاسية في ملف “التسفير”: مظلمة سياسية ومحاكمة خارج القانون

تونس، 3 ماي (أيار) 2025 – أصدرت الدائرة الجنائية الخامسة المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، مساء الجمعة 2 ماي 2025، أحكامًا تراوحت بين 18 و36 سنة سجنًا نافذًا، ضدّ ثمانية متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “شبكات التسفير إلى بؤر التوتر”. كما تم إخضاعهم جميعًا للمراقبة الإدارية لمدّة 5 سنوات بعد قضاء العقوبة.

وشملت الأحكام كلاً من:

  • علي العريض (نائب رئيس حركة النهضة، ووزير الداخلية ورئيس الحكومة الأسبق): 36 سنة سجنًا.

  • فتحي البلدي (قيادي أمني سابق): 26 سنة سجنًا.

  • عبد الكريم العبيدي (رئيس فرقة حماية الطائرات سابقًا): 26 سنة سجنًا.

  • نور الدين قندوز، لطفي الهمامي، هشام السعدي، سامي الشعار، وسيف الدين الرايس: أحكام تتراوح بين 18 و22 سنة سجنًا.

وقد وُجهت للمتهمين جملة من التهم ذات الصبغة الإرهابية، شملت تكوين وفاق إرهابي، المساعدة على السفر خارج البلاد بهدف ارتكاب جرائم إرهابية، وتمويل وتسخير وسائل لوجستية ومالية لتسهيل هذه العمليات، واستعمال تراب الجمهورية لانتهاك قوانين دولية تتعلق بمكافحة الإرهاب.

هيئة الدفاع: الملف فارغ والإجراءات افتقرت لضمانات المحاكمة العادلة

في تعليقها على الأحكام، اعتبرت هيئة الدفاع عن علي العريض أنّ الحكم يعكس “حالة من الإفراط في التسيس القضائي”، ووصفت الملف بـ”الفارغ من أي دليل مادي أو اعتراف مباشر”. ولفتت الهيئة إلى أن الإجراءات الأمنية والقضائية لم تحترم الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة، خاصة فيما يتعلّق بتقدير الوقائع والاستماع لشهادات الدفاع.

كما شددت على أن علي العريض، خلال فترة توليه وزارة الداخلية، قام باتخاذ إجراءات مشددة للتضييق على السفر إلى بؤر التوتر، من بينها العمل بالإجراء الحدودي S17، والحدّ من سفر من هم دون 35 عامًا دون إذن أبوي، وهو ما “يُناقض سردية التورط في التسفير”، حسب تعبير الهيئة.

وأكدت الهيئة أنها ستقوم بالطعن في هذه الأحكام، كما باشرت إجراءات رفع قضايا ضدّ من وصفوا بأنهم “ضللوا العدالة وساهموا في تلفيق الملف”.

تسريب الأحكام قبل صدورها: مؤشر على طابعها السياسي

من الملفت أنّ مضامين الأحكام، وخاصة المتعلقة بعلي العريض وفتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي، تسرّبت عبر صفحات وشبكات مقربة من السلطة قبل إعلانها رسميًا من المحكمة. هذا التسلسل في النشر – الذي بدأ بتدوينات فايسبوكية، مرورًا بمواقع إلكترونية مثل “تونس إينيفار” و”المسار”، ثم سحب موقع موزاييك لخبر مماثل لاحقًا – يطرح تساؤلات جدّية حول حياد الجهة القضائية المتعهدة.

فالسبق في تداول مضامين الأحكام قبل صدورها يلمّح إلى أن هذه الأحكام لم تكن وليدة مداولات سرية، بل انعكاس لتوجه سياسي عام في معالجة هذا الملف، وهو ما يعمق فقدان الثقة في استقلالية القضاء، ويشكك في جدّية التزامات الدولة بضمان شروط المحاكمة العادلة.

محاكمة ثقيلة بأحكام قاسية في مسار يغيب فيه مبدأ الحياد

يعبر مرصد الحرية لتونس عن بالغ قلقه من هذه الأحكام المشددة، التي صدرت في ظل ظروف إجرائية تشوبها خروقات خطيرة، من بينها طول فترة الإيقاف التحفظي، وتواصل المحاكمة عن بُعد، ومحدودية فرص الدفاع في تقديم مرافعات وبيّنات منافية لما ورد في لائحة الاتهام.

ويرى المرصد أن الأحكام القضائية الصادرة – وخاصة الحكم ضد علي العريض – تحمل طابعًا عقابيًا يتجاوز مسألة المحاسبة القضائية إلى مربع التصفية السياسية، خاصة في ظل غياب قرائن حاسمة وموثقة تدين المتهمين، مقابل اعتماد مفرط على تأويلات وتصريحات إعلامية وسياقات فضفاضة.

شارك

المزيد من المقالات

تأجيل محاكمة عبير موسي في ملفّ “مكتب الضبط” وقضية أخرى أمام الإستئناف

06 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قررت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، تأخير النظر في القضية المتعلقة بما يُعرف بملف “مكتب الضبط برئاسة الجمهورية”، والمتهم فيها كل من رئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي والقيادية مريم الساسي المثيلة بحالة سراح. وقد تمّ حجز الملف للتداول على أن يُحدَّد موعد لاحق للجلسة القادمة.

كما قررت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس تأخير القضية الثانية المنشورة ضد عبير موسي إلى جلسة يوم 30 ديسمبر 2025، وذلك إثر تعذّر حضورها وبطلب من النيابة العمومية…

الإبقاء على الممثلة ليلى الشابي بحالة سراح في إطار تتبّع بمقتضى المرسوم 54 بسبب مقطع فيديو

04 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – مثلت الفنانة ليلى الشابي يوم أمس أمام فرقة الأبحاث في الجرائم الإلكترونية بالحرس الوطني بالعوينة، وذلك على خلفية مقطع فيديو تحدّثت فيه عن أوضاع عدد من المودعين في قضايا “التآمر على أمن الدولة”. وقد تمّ سماعها في إطار بحث أولي دون اتخاذ أي قرار بإيقافها، مع إبقائها بحالة سراح إلى حين استكمال الإجراءات…

محكمة الإستئناف تحيل سمير جيّاب على الدائرة الجنائية للفساد المالي وتُبقي عليه في حالة إيقاف

04 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قررت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس إحالة رجل الأعمال سمير جيّاب على الدائرة الجنائية لقضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، مع الإبقاء عليه تحت مفعول بطاقة الإيداع بالسجن الصادرة في حقه. وتأتي هذه الإحالة بعد نظر دائرة الاتهام في ملف أحيل إليها من القطب القضائي الاقتصادي والمالي، تضمن تهمًا متصلة بغسيل الأموال واستغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة غير مشروعة، والإضرار بالإدارة، ومخالفة التراتيب المالية المنطبقة على العمليات موضوع التتبع…

بعد 34 شهرًا من الإعتقال: الإستئناف يحجز الملف للمداولة ويؤجل النظر في قضيــة حطاب بن عثمان

04 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – عقدت محكمة الاستئناف بتونس جلسة جديدة في القضية المتعلقة بالرئيس السابق لنقابة أعوان العدلية، حطاب بن عثمان، إلى جانب عدد من أعضاء المكتب التنفيذي السابق للنقابة. وقد خُصّصت الجلسة للنظر في طلبات الإفراج المقدّمة من هيئة الدفاع، لتقرّر المحكمة حجز الملف للمداولة وتأجيل القضية إلى موعد لاحق، ضمن مسار قضائي تتقاطع فيه تهم مالية وعقارية وإدارية مع شقّ آخر قيد النظر أمام القضاء المختص في القضايا الإرهابية..

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.