Skip links

أحكام سجنية وخطايا مالية في ملف قروض بنكية دون ضمانات: إدانة سفيان القلال وأحمد رجيبة ومسؤولين ببنك الإسكان

الرئيس المدير العام السابق لبنك الإسكان أحمد رجيبة

23 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قضت هيئة الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، بأحكام سجنية وخطايا مالية في ملف يتعلّق بالحصول على قروض بنكية دون ضمانات كافية من بنك الإسكان العمومي. وشملت الأحكام سجن رجل الأعمال الناشط في قطاع الزيوت سفيان القلال لمدة أربع سنوات، وسجن الرئيس المدير العام السابق لبنك الإسكان أحمد رجيبة لمدة ثلاث سنوات، وسجن رئيس أحد الفروع البنكية لمدة عامين، مع القضاء بعدم سماع الدعوى في حق إطارين بنكيين آخرين. كما تمّ تسليط خطايا مالية تجاوز مجموعها 13 مليون دينار.

عرض الوقائع:

تفيد المعطيات القضائية التي استندت إليها المحكمة بأن الملف يتعلّق بتمكين رجل الأعمال سفيان القلال من قروض بنكية قُدّرت بأكثر من 15 مليون دينار دون توفير ضمانات تتناسب مع حجم التمويل، وبما يخالف قواعد الحيطة البنكية والتراتيب الجاري بها العمل. ووفق منطوق الحكم المنشور، تمّ تثقيل كلّ من سفيان القلال وأحمد رجيبة بخطايا مالية في حدود 10.644.000 دينار لكلّ واحد منهما، مع خطايا إضافية قدرها 1.059.000 دينار لكلّ من رئيس الفرع البنكي المحكوم بعامين، وأحد الإطارين اللذين قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى في حقّهما.

وتعلّقت التتبّعات بجرائم استغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها، والإضرار بالإدارة، ومخالفة القوانين والتراتيب المنظمة للقطاع البنكي، إلى جانب تهم ذات صلة بغسل الأموال.

خلفية القضية:

يندرج هذا الملف ضمن سياق أوسع أثارته تقارير رقابية حول اختلالات في استخلاص الديون وسياسات الإقراض داخل بنك الإسكان خلال سنوات سابقة، بما في ذلك الإشارة إلى ضعف نسب الاستخلاص وارتفاع حجم الديون المتعثّرة لدى عدد كبير من الشركات، وما نتج عن ذلك من مخاطر على المال العام وعلى سلامة المؤسسة البنكية العمومية.

كما يكتسي الملف حساسية خاصة بالنظر إلى طبيعته البنكية وارتباطه بقروض مسداة من مؤسسة عمومية، بما يستوجب أن تُدار المحاسبة القضائية بمنطق حماية المال العام دون السقوط في خطاب “الاستعراض” أو “التشفّي”، ودون تحويل القطاع البنكي إلى ساحة تصفية حسابات.

يذكّر مرصد الحرية لتونس بأن مكافحة الفساد المالي وحماية المال العام واجب دولة، لكنّها لا تُختزل في تشديد العقوبات أو تضخيمها إعلاميًا، بل تقوم على مسار قضائي مستقلّ وشفاف يضمن قرينة البراءة وحقوق الدفاع وتكافؤ الفرص بين المتقاضين. وفي هذا الإطار، يحذّر المرصد من توظيف قضايا الفساد في الدعاية السياسية أو في صناعة “نماذج ردعية” خارج منطق المحاكمة العادلة، لأن ذلك يضرّ بثقة المجتمع في العدالة ويشوّش على المعنى الحقيقي للمساءلة.

كما ينبه المرصد إلى مخاطر تحويل ملفات الفساد إلى أدوات ضغط غير مشروع على رجال الأعمال أو الإطارات العمومية، بما يشبه الابتزاز السياسي أو “المقايضة” خارج القانون، وهو مسار يُفرغ مكافحة الفساد من مضمونها الإصلاحي ويحوّلها إلى آلية إخضاع بدل أن تكون آلية عدالة.

يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:

-ضمان شفافية المسار القضائي وتمكين الرأي العام من فهم المعطيات الأساسية دون خلطٍ دعائي أو تشهير، واحترام قرينة البراءة وحقوق الدفاع في جميع أطوار التقاضي بما في ذلك الاستئناف، وتحييد ملفات الفساد البنكي عن أي توظيف سياسي أو استعمالها كأداة ضغط على المتهمين أو محيطهم، والعمل بالتوازي على إصلاحات حوكمة ورقابة داخل البنوك العمومية تمنع تكرار الإقراض دون ضمانات وتضمن حماية المال العام على المدى الطويل.

شارك

المزيد من المقالات

رفض الإفراج عن سعدية مصباح رئيسة جمعية “منامتي” لمكافحة العنصرية وتأجيل محاكمتها إلى فيفري المقبل

23 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، رفض مطلب الإفراج عن رئيسة جمعية “منامتي” المناهضة للتمييز العنصري سعدية مصباح، وتأجيل النظر في القضية إلى جلسة يوم 26 فيفري 2026، وذلك بعد أكثر من عام ونصف على إيقافها.

وتُحاكم سعدية مصباح على خلفية تهم تتعلّق بشبهات تبييض الأموال والتدليس ومسك واستعمال مدلس في علاقة بتسيير الجمعية، في ملف أدرجته السلطات ضمن ما يُعرف بقضايا الجمعيات الناشطة في مجال الهجرة وشؤون المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء…

تأخير النظر في قضية “التآمر على أمن الدولة 2” إلى جانفي 2026

22 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف بتونس تأخير النظر في القضية المعروفة إعلاميًا بـ“التآمر على أمن الدولة 2” إلى جلسة يوم 19 جانفي 2026، وذلك ضمن مسار استئنافي متواصل أعقب صدور الأحكام الابتدائية في الملف…

19 سنة سجنًا غيابيًا بتهم إرهابية ضد منذر الزنايدي بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024

22 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، ابتدائيًا غيابيًا، بالسجن مدة 19 سنة مع النفاذ العاجل في حق الوزير السابق منذر الزنايدي، وذلك على خلفية قضية وُصفت بأنها ذات طابع إرهابي.

وقد جاءت هذه الإدانة بعد أن كانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أذنت، خلال شهر سبتمبر 2024، بفتح بحث تحقيقي ضد الزنايدي، من أجل تهم تتعلق بـ تكوين وفاق إرهابي، والتحريض على الانضمام إليه، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، إضافة إلى تهم أخرى ذات صبغة أمنية…

وليد الجلاد

إقرار الإدانة مع تخفيف العقوبة في قضية مالية: أربع سنوات سجنًا في حقّ وليد الجلاد

16 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس إقرار إدانة النائب السابق بالبرلمان المنحل والرئيس السابق للنادي الرياضي مستقبل سليمان، وليد الجلاد، مع النزول بالعقاب البدني من ستّ سنوات إلى أربع سنوات سجنًا، وذلك على خلفية القضايا المالية المنشورة ضده…

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.