متابعات حقوقية | 13 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – دعت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية إلى الإسقاط الفوري للتهم الموجهة إلى ستة من العاملين في المجال الإنساني لدى جمعية تونس أرض اللجوء، الفرع المحلي لمنظمة فرنسا أرض اللجوء، معتبرة أن محاكمتهم الجنائية المرتقبة في 15 ديسمبر تمثل جزءًا من حملة تجريم ممنهجة تستهدف المجتمع المدني بسبب عمله المشروع مع اللاجئين والمهاجرين. وأكدت المنظمة أن ثلاثة من العاملين، من بينهم المديرة السابقة شريفة الرياحي والمدير المالي والإداري محمد جوعو، ما زالوا محتجزين تعسفيًا رهن الإيقاف التحفظي منذ أكثر من 19 شهرًا، إلى جانب موظفين ومسؤولين سابقين في بلديات تعاونوا مع الجمعية.
وقالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن العاملين الإنسانيين يُلاحقون قضائيًا لمجرد أدائهم عملهم المشروع في تقديم المساعدة والحماية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، داعية السلطات إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان ووضع حد لهذا الظلم والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين. وأشارت المنظمة إلى أن هذه القضية تأتي في سياق أوسع من تجريم العمل الإنساني، خاصة بعد الحكم الصادر في 24 نوفمبر بالسجن لمدة عامين بحق عاملين في المجلس التونسي للاجئين، وهو ما اعتبرته رسالة خطيرة ترهب منظمات المجتمع المدني وتفكك منظومة حماية اللاجئين في البلاد.
وأوضحت العفو الدولية أن 23 شخصًا، من بينهم العاملون في جمعية أرض اللجوء تونس وموظفون ومسؤولون بلديون سابقون، سيُحاكمون بتهم فضفاضة تتعلق بـ“إيواء أشخاص دخلوا أو غادروا البلاد خلسة” و“تسهيل إقامة أجانب بصفة غير شرعية”، رغم أن الجمعية مسجلة رسميًا وكانت تعمل بشفافية وبالتنسيق مع السلطات المحلية والوطنية. واعتبرت المنظمة أن هذه الملاحقات تمثل انتهاكًا صارخًا لحرية تكوين الجمعيات وتجريمًا للتعاون المشروع بين المجتمع المدني والسلطات المحلية، فضلًا عن تعارضها مع التزامات تونس الدولية المتعلقة بحماية اللاجئين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وسلط البيان الضوء على تصاعد القمع ضد منظمات المجتمع المدني منذ ماي 2024، لا سيما المنظمات العاملة في مجال الهجرة، حيث شملت الإجراءات الاعتقال التعسفي، والاحتجاز المطول، وتجميد الأصول، وفرض قيود مصرفية، وتعليق أنشطة عدد من الجمعيات، إلى جانب منع منظمات حقوقية، مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، من زيارة السجون. كما أشارت المنظمة إلى أن تعليق أنشطة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تونس منذ جوان 2024 أدى عمليًا إلى إلغاء مسار اللجوء الوحيد في البلاد، ما ترك آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في أوضاع شديدة الهشاشة ودون حماية.
وخلصت العفو الدولية إلى أن الاستهداف المتواصل للمنظمات غير الحكومية، خاصة تلك التي تعمل مع الفئات الأكثر ضعفًا، يعكس استراتيجية مقلقة لتفكيك الحيّز المدني في تونس، محذرة من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى تفاقم الانتهاكات الحقوقية ويقوّض التزامات الدولة تجاه القانون الدولي.
