Skip links

قيس سعيد ،الدكتاتور التونسي الجديد

من هو؟

قيس سعيّد هو رئيس الجمهورية السابع للبلاد التونسية والرئيس الرابع بعد اندلاع “ثورة الياسمين” في 17 ديسمبر 2010 التي أطاحت بالنظام الديكتاتوري السابق ورأسه زين العابدين بن علي وحزبه التجمع الدستوري الديمقراطي في 14 جانفي/يناير 2011.

كان سعيّد قبل توليه الرئاسة أستاذا جامعيا مساعدا في مجال القانون الدستوري وتقاعد قبل سنة واحدة من تقدمه للانتخابات الرئاسية، وليس له أي ماضٍ سياسي ولم يُعارض نظام زين العابدين، بل وعمل في مختلف الأدوار القانونية والأكاديمية التي نظمها الحزب الحاكم منذ ثمانينيات القرن الماضي.

بدأ ظهوره في الأيام الأولى بعد الثورة على شاشات التلفزة الوطنية حيث استفاد من تحول تونس لبلد ديمقراطي متعدد، واستفاد في مرحلة ثانية من المساحات الجديدة التي ظهرت بعد الثورة وأتاحت له فرصة لتقديم رأيه في مختلف المواضيع الجدلية على غرار الدستور الجديد الذي صدر سنة 2014 بعد الثورة وصلاحيات رئاسة الجمهورية وتنازع الصلاحيات بين المؤسسات الدستورية.

وقد كان قيس سعيد حريصا على عدم الدخول في خلافات مباشرة مع أي تيار سياسي، وحرص في الوقت نفسه على التواصل مع مجموعات شبابية ثورية من مختلف التوجهات الفكرية وشارك معهم في جُلّ الاعتصامات والاحتجاجات وكان يمنح انطباعا سائدا بأنه “مناصر” للمهمشين والمفقرين والمستبعدين اجتماعيا.

جدول المحتويات

ليس له أي ماضٍ سياسي ولم يُعارض نظام زين العابدين، بل وعمل في مختلف الأدوار القانونية والأكاديمية التي نظمها الحزب الحاكم منذ ثمانينيات القرن الماضي.

كيف وصل إلى الحكم؟

أعلن سعيد تقدمه للانتخابات الرئاسية التونسية سنة 2019 بعد وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي مدعوما بمجموعات شبابية كبيرة من شمال البلاد وحتى جنوبها ودون التنظم في حزب سياسي، ورفض الحصول على التمويل العمومي الذي يُقدّم للمترشحين للانتخابات وركّز أنصاره على القيام بدعاية بسيطة و”شعبيّة” على منصات التواصل الاجتماعي وأساسا “فايسبوك” الذي يعتبر المنصة الأكثر استخداما في تونس.

وبسبب محاولته تقديم نفسه للسباق الانتخابي كمحافظ اجتماعي مستقل تدعمه الأحزاب السياسية ذات التوجهات “الثورية” والاجتماعية إلى جانب أكبر حزب سياسي قوي وهو حركة النهضة، اتُّهم أثناء الحملة الانتخابية بأنه “سلفي” الفكر ومعاد للحريات العامة والفردية، في حين ادعى محيطه الجامعي بأنه كان يحمل قناعات قومية عربية وناصرية في فترة دراسته.

وفاز قيس سعيد في الانتخابات ضد غريمه نبيل القروي بنسبة 72.1% من أصوات الناخبين في الجولة الثانية، بعد أن حل في المركز الأول خلال الجولة الأولى بنسبة 18.4% من الأصوات بفارق بسيط بينه وبين صاحب المركز الثاني نبيل القروي الذي حصل على نسبة 15.58%.

ويرى مراقبون أنه نجح في جذب الناخبين الشباب من خلال لغته التواصلية، حيث تمسك بالحديث باللغة العربية عوض اللهجة التونسية العامية، وبنى سرديته كلها على خطاب شعبوي حول محاربة الفساد وجلب الأموال المهربة والاعتماد على الذات والتخلص من كل ما هو قديم، كما تمحورت حملته على أنه الرجل النظيف في مواجهة الرجل الفاسد، والرجل المناصر لفلسطين في مواجهة الرجل المطبع مع إسرائيل. كما تحدث عن تنقيح النظام الانتخابي الى جانب تركيز نظام سياسي جديد أسماه بنظام الحكم القاعدي الذي يبدأ من الأسفل إلى الأعلى.

وأدى قيس سعيد اليمين الدستورية كرئيس للبلاد في 23 أكتوبر 2019، أمام البرلمان المنتخب في 2014 قبل أن يباشر البرلمان الجديد أعماله، وتعهد بالالتزام بدستور الجمهورية التونسية الثانية لسنة 2014.

بنى سرديته كلها على خطاب شعبوي حول محاربة الفساد وجلب الأموال المهربة والاعتماد على الذات والتخلص من كل ما هو قديم.

كيف أعد الظروف اللازمة للاستيلاء على كل السلطات؟

ومنذ ذلك التاريخ دخلت تونس في أزمة سياسية حادة سببها الأساسي هو محاولات قيس سعيد لتهميش السلطات التشريعية والتنفيذية وجعلها مجرد تابع لرئاسة الجمهورية وله كشخص.

وقد فشل الحبيب الجمني الذي كلفه البرلمان المنتخب الجديدي تشكيل حكومة، وذلك بسبب وضع قيس سعيد لشروط غير معلنة تقضي بمنع مشاركة حزب قلب تونس في الحكومة، فرغم عدم امتلاكه للصلاحية الدستورية، صدرت تهديدات علنية من قبل سياسيين وبرلمانيين موالين لقيس سعيد بأنه سيعرقل أي حكومة يشارك فيها حزب قلب تونس الذي يترأسه غريمه نبيل القروي، وهي نفس الرسالة التي عبر عنها الحبيب الجمني أثناء اجتماعاته مع مكونات المشهد السياسي.

وفي مرحلة ثانية عمل قيس سعيد على تعميق الصراع بينه وبين البرلمان عبر استقطاب كتل برلمانية معارضة، تعمل لفائدته وأبرزها كتلة الحزب الدستوري الحرّ بقيادة عبير موسي (من مخلفات نظام زين العابدين بن علي) إلى جانب كتل أخرى تدافع عن خياراته وتوجهاته، كما أنه نجح في تأجيج الرأي العام ضد الأحزاب السياسية والبرلمان مستعينا ب orchestra إعلامية محلية ودولية لم يكن لها من شاغل سوى ترذيل البرلمان.

وفي مرحلة ثالثة، بدأ قيس سعيد تدريجيا في مسايرة الاحتجاجات ضد حكومة هشام المشيشي رداً على ممارسات الشرطة والمصاعب الاقتصادية وجائحة فيروس كورونا، وتبنى خطابا “حربيا” ضد خصومه وأثناء زياراته المتكررة للثكنات العسكرية والمناطق الحدودية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، كما أعلن نفسه مسؤولا بصفة مباشرة عن كل القوات الحاملة للسلاح عسكرية كانت أم مدنية، على خلاف ما يقره الدستور والقوانين التونسية، محاولا الاستقواء بمؤسسة رئاسة الجمهورية على الدستور والقانون وعلى باقي المؤسسات الأمنية في البلاد.

عمل قيس سعيد على تعميق الصراع بينه وبين البرلمان عبر استقطاب كتل برلمانية معارضة، تعمل لفائدته وأبرزها كتلة الحزب الدستوري الحرّ بقيادة عبير موسي (من مخلفات نظام زين العابدين بن علي).

كيف انقلب على الديمقراطية؟

ورغم سعي مختلف الحساسيات والأحزاب إلى تنقية المناخ السياسي وإيجاد مساحات حوار مع رئيس الجمهورية إلا أنه في 25 جويلية/ يوليو 2021 الموافق لعيد الجمهورية قرر اتخاذ جملة من الإجراءات الاستثنائية المخالفة لدستور البلاد (دستور 2014)، فقام في مرحلة أولى باختطاف وإخفاء رئيس الحكومة الشرعي هشام المشيشي، وأغلق البرلمان بالمدرعات العسكرية، وحول مقر الحكومة في القصبة إلى منطقة أمنية عسكرية مغلقة.

ثم قام في مرحلة ثانية وبحضور قيادات الجيش، بحلّ البرلمان وعزل الحكومة وقام بتفكيك تركيبة المجلس الأعلى للقضاء والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، كما أعلن توليه وظيفة النيابة العمومية، وأصدر دستورا جديدا للبلاد رافقه بمسرحية انتخابية نظمتها هيئة عينها هو بنفسه دون مراعاة أي قوانين أو معايير، وعرفت هذه الانتخابات حالة مقاطعة لم تعرفها الدولة التونسية منذ تأسست، وحققت نسب مشاركة هي الأضعف على الإطلاق، حيث قاطعته أغلب الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني إضافة لغياب تام للشفافية بما في ذلك بعثات المراقبة الدولية.

ووصفت منظمة العفو الدولية إقرار الدستور الجديد بالانتكاسة مؤكدة أنه يفكك أو يهدد الضمانات المؤسسية الرئيسية لحقوق الإنسان وقالت لجنة البندقية “التابعة لمجلس أوروبا” في تقرير لها بتاريخ 27 ماي/ مايو 2022 «إنه ليس من الواقعي التخطيط لتنظيم استفتاء دستوري موثوق وشرعي في 25 جويلية/ يوليو 2022». مما أثار انزعاج الرئيس قيس سعيد وهدد بسحب عضوية تونس من اللجنة بالإضافة إلى دعوته مبعوثيها إلى مغادرة البلاد على الفور.

كما أصدر سعيّد في نفس السنة مرسوما رئاسيا لدعوة الناخبين للمشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة والتي جرت على دورتين، حيث انعقدت الجولة الأولى يوم 17 ديسمبر 2022 وأُقيمت الجولة الثانية يوم 29 جانفي/ يناير 2023، وبلغت نسبة إقبال الناخبين في هذه الانتخابات – وفق أرقام هيئات قيس سعيد – أدنى مستوى محليًا وعالميًا إذ كانت 11.2% في الجولة الأولى وزادت إلى 11.4% في الجولة الثانية، وسط تأكيدات بأن الأرقام الحقيقية أقل بكثير وأن هذه الأرقام تم تضخيمها.

وصفت منظمة العفو الدولية إقرار الدستور الجديد بالانتكاسة مؤكدة أنه يفكك أو يهدد الضمانات المؤسسية الرئيسية لحقوق الإنسان.

ومنذ تفعيل إجراءاته الاستثنائية وفقا للفصل 80 من الدستور، أطلق سعيّد حملة ملاحقات متواصلة ضد المعارضين السياسيين والنشطاء ورجال الأعمال والإعلاميين والقضاة وكل من ينتقد النظام السياسي، وأصدر المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، والذي مثّل انتكاسة حقيقية لكل ما يتعلق بحرية الإعلام والصحافة وحرية التعبير التي تراجعت بـ21 مرتبة سنة 2022 في التصنيف السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود.
كما استهدف سعيد السلطة القضائية وقام في فبراير 2022 بحل المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة دستورية مستقلة من أبرز مسؤولياتها ضمان استقلالية القضاء، ومحاسبة القضاة، ومنحهم الترقيات المهنية. وقام سعيد باستبداله بهيئة مؤقتة تخضع لسلطته.

وفي الأول من يونيو/حزيران 2022، منح سعيّد نفسه سلطة فصل القضاة والمدّعين العامين من جانب واحد، وذلك بموجب الأمر الرئاسي رقم “35″ لعام 2022، كما أصدر في اليوم ذاته مرسوما ثانيا (516 لعام 2022)، بإقالة 57 قاضيا ووكيلا للجمهورية، متهما إياهم بالفساد المالي والمعنوي وعرقلة التحقيقات. ورغم أن المحكمة الإدارية حكمت لصالح 49 قاضيا استأنفوا قرار عزلهم، إلا أن وزارة العدل تجاهلت أمر المحكمة بإعادة تعيينهم. وواصل سعيد في إحكام قبضته على القضاء عبر التهديد بالطرد والنقل والاعتقال لتحويل القضاء لأداة للعقاب والتشفي من معارضيه ومنافسيه.

ولم يتوقف نزيف ضرب مكتسبات الثورة التونسية فقد قام الرئيس سعيد بتغيير تاريخ الاحتفال بعيد الثورة والذي كان يُقام في 14 جانفي/ يناير وهو تاريخ هروب الرئيس السابق الديكتاتور زين العابدين بن علي، مما أثار غضب عائلات شهداء وجرحى الثورة الذين أصدروا بيانا نددوا فيه باستهداف الرصيد الرمزي للثورة، في حين عبرت القوى الثورية عن رفضها وتجاهلها لهذا القرار عبر تنظيم احتفالات ضخمة في يوم 14 جانفي رغم كل التضييقات الأمنية.

وواصل قيس سعيد تكريس سياسة عدم الشفافية والفساد في التعيينات وقام بمكافأة وتكريم كل من ساعده لتأسيس نظامه الشمولي ونسف الديمقراطية وأصدر مرسوما آخر (عدد 591 لسنة 2023 المُؤرّخ في 21 سبتمبر 2023) يتعلق بإجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والإدماج بالوظيفة العمومية وهو بمثابة عملية “تطهير” واجتثاث لكل موظف معارض أو غير موال له.

المصادر

عناصر نظام قيس سعيد المتهمون بانتهاكات حقوق الإنسان في تونس

نبيل الرابحي

نبيل الرابحي

الرابحي متهم باستهداف الشخصيات السياسية المعارِضة، إضافة إلى الاعتداء على الحياة الشخصية لعائلات المساجين السياسيين والنشطاء والمدونين.

خليل الرقيق

خليل الرقيق يُعتبر من أبرز الوجوه الإعلامية الموالية للرئيس قيس سعيّد، ويُتهم باستخدام منصاته الإعلامية للترويج للنظام السياسي الحاكم بطريقة دعائية وتضليلية.

خليفة شوشان

يُتهم خليفة شوشان بتقديم معلومات مضللة تهدف إلى تشويه سمعة الشخصيات المعارضة للنظام، مما ساعد في نشر الدعاية الحكومية ودعم اعتقالات تعسفية بحق شخصيات بارزة من المعارضة.

عبد الحليم بوسمة

بوسمة متهم بتقديم شهادات كاذبة في عدة قضايا، منها قضية التآمر على أمن الدولة التي بدأت في فيفري/ فبراير 2023، وحملة الاعتقالات التي تلتها.

رياض جراد

يعمل رياض جراد بالترويج لدعاية النظام والتملق السياسي عبر منصاته الإعلامية وقناة التاسعة الموالية للسلطات.

عز الدين شلبي

اتُهم شلبي باستخدام أسلوب قمعي وتبرير سياسات الرئيس سعيّد من خلال خطاب يتهم الإعلام والأحزاب السياسية بالخيانة.

نوفل سعيّد

في تصريحاته، يستهدف نوفل المعارضة التونسية بشكل علني، متهمًا إياها باللجوء إلى القوى الخارجية لدعم مطالبها، في اطار الترويج لروايات الحكومة التي تُصور المعارضين كخونة​.

سمير عبد اللاوي

تم اتهامه من قبل معارضين بالضلوع في سلسلة من الاعتقالات التعسفية والانتهاكات ضد معارضي النظام، بما في ذلك الاعتقال القسري والاحتجاز غير القانوني لبعض النشطاء السياسيين.

كمال الفقي

رفض منح تصاريح للاحتجاجات، واستخدم القوة ضد المعارضين السياسيين، مما أدى إلى اعتقال العديد من الشخصيات السياسية.

عماد عبدلي

ساهم في اتخاذ قرارات تضر بمصداقية الانتخابات من خلال غض النظر عن مخالفات دعمت النظام الحاكم.

نبيل الرابحي

نبيل الرابحي

الرابحي متهم باستهداف الشخصيات السياسية المعارِضة، إضافة إلى الاعتداء على الحياة الشخصية لعائلات المساجين السياسيين والنشطاء والمدونين.

خليل الرقيق

خليل الرقيق يُعتبر من أبرز الوجوه الإعلامية الموالية للرئيس قيس سعيّد، ويُتهم باستخدام منصاته الإعلامية للترويج للنظام السياسي الحاكم بطريقة دعائية وتضليلية.

خليفة شوشان

يُتهم خليفة شوشان بتقديم معلومات مضللة تهدف إلى تشويه سمعة الشخصيات المعارضة للنظام، مما ساعد في نشر الدعاية الحكومية ودعم اعتقالات تعسفية بحق شخصيات بارزة من المعارضة.

عبد الحليم بوسمة

بوسمة متهم بتقديم شهادات كاذبة في عدة قضايا، منها قضية التآمر على أمن الدولة التي بدأت في فيفري/ فبراير 2023، وحملة الاعتقالات التي تلتها.

رياض جراد

يعمل رياض جراد بالترويج لدعاية النظام والتملق السياسي عبر منصاته الإعلامية وقناة التاسعة الموالية للسلطات.

عز الدين شلبي

اتُهم شلبي باستخدام أسلوب قمعي وتبرير سياسات الرئيس سعيّد من خلال خطاب يتهم الإعلام والأحزاب السياسية بالخيانة.

نوفل سعيّد

في تصريحاته، يستهدف نوفل المعارضة التونسية بشكل علني، متهمًا إياها باللجوء إلى القوى الخارجية لدعم مطالبها، في اطار الترويج لروايات الحكومة التي تُصور المعارضين كخونة​.

سمير عبد اللاوي

تم اتهامه من قبل معارضين بالضلوع في سلسلة من الاعتقالات التعسفية والانتهاكات ضد معارضي النظام، بما في ذلك الاعتقال القسري والاحتجاز غير القانوني لبعض النشطاء السياسيين.

كمال الفقي

رفض منح تصاريح للاحتجاجات، واستخدم القوة ضد المعارضين السياسيين، مما أدى إلى اعتقال العديد من الشخصيات السياسية.

عماد عبدلي

ساهم في اتخاذ قرارات تضر بمصداقية الانتخابات من خلال غض النظر عن مخالفات دعمت النظام الحاكم.

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.