22 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، ابتدائيًا غيابيًا، بالسجن مدة 19 سنة مع النفاذ العاجل في حق الوزير السابق منذر الزنايدي، وذلك على خلفية قضية وُصفت بأنها ذات طابع إرهابي.
وقد جاءت هذه الإدانة بعد أن كانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب قد أذنت، خلال شهر سبتمبر 2024، بفتح بحث تحقيقي ضد الزنايدي، من أجل تهم تتعلق بـ تكوين وفاق إرهابي، والتحريض على الانضمام إليه، والتآمر على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة، إضافة إلى تهم أخرى ذات صبغة أمنية.
عرض الوقائع:
نظرت الدائرة الجنائية المختصة في الملف في غياب المتهم، قبل أن تقضي بإدانته والحكم عليه بعقوبة سجنية ثقيلة مع النفاذ العاجل. ولم تُفِد المعطيات المنشورة بصدور أحكام موازية في حق متهمين آخرين في هذا الملف، كما لم يُعلن عن تفاصيل علنية دقيقة بشأن طبيعة الأفعال المنسوبة أو الأدلة المعتمدة في الإدانة.
خلفية القضية:
تعود أطوار القضية إلى فتح بحث تحقيقي ضد منذر الزنايدي وإعادة ملفه إلى القضاء المختص بقضايا الإرهاب، بعد أن كانت الأبحاث قد انطلقت على خلفية شبهات اعتبرتها النيابة العمومية ذات خطورة على أمن الدولة.
ويشير مرصد الحرية لتونس إلى أن فتح التتبعات القضائية ضد الزنايدي تزامن مع ترشحه للانتخابات الرئاسية لسنة 2024، وهو معطى مركزي لا يمكن فصله عن السياق العام الذي تشهد فيه البلاد توسعًا لافتًا في استعمال التهم ذات الطابع الأمني والإرهابي ضد شخصيات سياسية ومعارضين.
وقد سبق للزنايدي أن اعتبر، في تصريحات منسوبة إليه، أن ما يُوجَّه ضده يندرج ضمن توظيف أدوات الدولة القضائية والأمنية لتصفية الخصوم السياسيين، وهو ما ينسجم مع مخاوف حقوقية أوسع عبّرت عنها منظمات محلية ودولية بشأن استقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة في القضايا ذات الخلفية السياسية.
السياق العام:
تأتي هذه القضية في مناخ يتّسم بتوسّع لافت في استعمال تهم مثل “التآمر على أمن الدولة” و“الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة”، وهي تهم ذات صياغة فضفاضة، كثيرًا ما استُعملت خلال السنوات الأخيرة في ملفات تطال معارضين سياسيين أو شخصيات عامة. كما يلاحظ المرصد أن اللجوء إلى المحاكمات الغيابية في قضايا ثقيلة العقوبة، دون ضمان حق الدفاع والمواجهة، يُفاقم مخاطر المساس بالحق في محاكمة عادلة، كما هو منصوص عليه في الدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
يرى مرصد الحرية لتونس أن الحكم الصادر في حق منذر الزنايدي يندرج ضمن مسار مقلق لتسييس القضايا ذات الصبغة الأمنية، واستعمال القضاء الجزائي، وخاصة قوانين مكافحة الإرهاب، في سياق صراعات سياسية وتنافس انتخابي.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
-الغاء التتبعات والأحكام الجائرة في حق السياسي منذر الزنايدي.
-ضمان جميع حقوق الدفاع والمحاكمة العادلة في القضايا ذات الطابع السياسي.
-وقف التوسّع في توظيف التهم ذات الصياغة الفضفاضة، خاصة تلك المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب، ضد المعارضين السياسيين.
-ضمان استقلال القضاء وإبعاده عن أي توظيف سياسي، خاصة في الفترات الانتخابية.




