19 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية لدى محكمة الاستئناف بتونس بداية الأسبوع٬ إقرار إدانة الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية لأعوان وموظفي العدلية، حطاب بن عثمان، مع النزول بالعقاب البدني من أربعة عشر عامًا وثلاثة أشهر إلى عشرة أعوام وثلاثة أشهر سجنًا، مع الإبقاء على الخطايا المالية المحكوم بها.
كما قضت المحكمة بإقرار إدانة ثلاثة من أعضاء نقابة أعوان وموظفي العدلية المشمولين بنفس الملف، مع النزول بالعقاب البدني في حق أحدهم من خمسة أعوام وثلاثة أشهر إلى ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر، والنزول بالعقوبة في حق متهم ثانٍ إلى عامين اثنين سجنًا، في حين تم إقرار الحكم الابتدائي الصادر في حق متهم ثالث والقاضي بسجنه مدة ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر.
وقد مثل حطاب بن عثمان وثلاثة من أعضاء النقابة أمام الدائرة الجنائية لمحاكمتهم من أجل تهم تتعلق بالمضاربة في العقارات، وجمع تبرعات دون ترخيص، والتدليس، ومسك واستعمال مدلس، إضافة إلى تهم أخرى مرتبطة بتسيير النقابة الوطنية لأعوان وموظفي العدلية.
عرض الوقائع:
تندرج هذه الأحكام في إطار ملف قضائي انطلق منذ فيفري 2023، إثر فتح تحقيقات حول شبهات تتعلق بإدارة مالية وإدارية غير قانونية داخل النقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية، واستعمال مواردها واسمها في عمليات مالية خارج الإطار القانوني للنشاط النقابي.
وقد شملت التتبعات شبهات غسل أموال، والتحيل، والتدليس، وجمع تبرعات دون ترخيص، والمضاربة العقارية، إضافة إلى ممارسات مالية مخالفة للنظام الأساسي للنقابة، وفق ما خلصت إليه التحقيقات القضائية.
خلفية القضية:
حطاب بن عثمان هو الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية لأعوان وإطارات العدلية، وهي نقابة تمثل أعوان وموظفي قطاع العدالة في تونس. وقد صدر في حقه، إلى جانب أمين مال النقابة، قرار بإيداعه السجن في فيفري 2023، قبل أن تتوسع الأبحاث لتشمل أعضاء آخرين من المكتب النقابي.
وفي جوان 2024، قررت دائرة الاتهام المختصة إحالة حطاب بن عثمان على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، وهو ما أثار آنذاك جدلًا واسعًا حول مدى ملاءمة توصيف وقائع ذات طابع مالي ونقابي ضمن إطار تشريعات مكافحة الإرهاب.
وفي ديسمبر 2024، صدر حكم ابتدائي قضى بسجن حطاب بن عثمان أربعة عشر عامًا وثلاثة أشهر مع خطية مالية تناهز 650 ألف دينار، إلى جانب أحكام بالسجن في حق ثلاثة أعضاء آخرين من النقابة، قبل أن تنظر محكمة الاستئناف في الطعون المقدمة وتُصدر حكمها بالنزول بالعقاب البدني.
موقف مرصد الحرية لتونس:
يؤكد مرصد الحرية لتونس أن مكافحة الفساد المالي داخل الهياكل النقابية أو غيرها تُعد مسألة ضرورية ولا يمكن التساهل معها، غير أن ذلك يجب أن يتم في إطار احترام صارم لضمانات المحاكمة العادلة.
ويرى المرصد أن إحالة ملفات ذات طابع مالي ونقابي على القضاء المختص في قضايا الإرهاب تطرح إشكاليات جدية تتعلق بتوسيع غير مبرر لاختصاص تشريعات استثنائية، وما قد يترتب عن ذلك من مساس بحقوق الدفاع وضمانات التقاضي العادل.
كما يذكّر المرصد بأن مكافحة الفساد لا يجب أن تتحول إلى أداة لتصفية الحسابات أو لتوظيف القضاء في سياقات سياسية أو نقابية، وأن استقلال القضاء يظل الضمانة الأساسية لتحقيق العدالة دون انتقائية أو توظيف.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
-عدم توسيع استعمال تشريعات مكافحة الإرهاب خارج نطاقها الموضوعي المحدد قانونًا.
-احترام كامل حقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة في جميع أطوار التقاضي.
-الفصل الواضح بين المساءلة القضائية المشروعة عن الفساد، وبين أي توظيف سياسي أو نقابي للمسار القضائي.




