15 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – يعتبر مرصد الحرية لتونس أن إيقاف 21 مواطنًا بمدينة القيروان على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت إثر وفاة الشاب نعيم البريكي يُشكّل انزلاقًا خطيرًا نحو تجريم الاحتجاج الاجتماعي، ويعكس توجّهًا مقلقًا نحو قلب منطق المساءلة عبر التعامل مع الغضب الشعبي كمسألة أمنية، بما يُسهم في تحويل الضحية إلى موضع تشكيك وصرف الانتباه عن السؤال الجوهري المتعلق بمسؤولية أجهزة الدولة عن وفاة شاب في ظروف عنيفة وغامضة.
ويؤكد المرصد، استنادًا إلى معطيات موثوقة وإفادات مباشرة من عائلة الفقيد، أن نعيم البريكي، البالغ من العمر 30 سنة، تعرّض ليلة 22 نوفمبر 2025 إلى اعتداء عنيف ومفرط خلال مطاردة أمنية أعقبت عدم امتثاله لإشارة التوقف أثناء قيادته دراجة نارية، ما خلّف إصابات خطيرة ومباشرة على مستوى الرأس والأذنين والعينين. وقد أُدخل على إثرها إلى المستشفى الجامعي ابن الجزار بالقيروان، حيث ظلّ يعاني من تداعيات تلك الإصابات قبل أن يفارق الحياة، في غياب أي رواية رسمية مقنعة أو نتائج تحقيق مُعلنة للرأي العام.
ويعتبر مرصد الحرية لتونس أن التركيز الأمني على الإيقافات بدل الكشف عن حقيقة ما حصل يُمثّل مساسًا خطيرًا بمبادئ دولة القانون، ومحاولة لفرض منطق الردع الجماعي. فاحتجاز مواطنين بسبب مشاركتهم في تحركات تطالب بالحقيقة والعدالة لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة، ويُثير مخاوف جدية بشأن احترام الحقوق الأساسية وقرينة البراءة. ويشدّد المرصد على أن خطورة الإصابات الموثقة، وتطابق رواية العائلة، وما تم تداوله من صور ومعطيات، تجعل من غير الممكن التعامل مع هذه الوفاة كحادث عرضي، بل تفرض التعاطي معها باعتبارها شبهة وفاة ناجمة عن استعمال مفرط للقوة، وهو ما يحمّل السلطات الأمنية والقضائية مسؤولية مباشرة في كشف الحقيقة كاملة، دون انتقائية أو حماية مؤسساتية لأي طرف.
ويطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
-الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الموقوفين على خلفية احتجاجات القيروان، ووقف كل التتبعات ذات الطابع الزجري المرتبطة بممارسة الحق في الاحتجاج.
-فتح تحقيق قضائي مستقل وعاجل في وفاة نعيم البريكي، بإشراف قضاء مدني، وبالاستعانة بهيئات وخبرات محايدة، لكشف حقيقة ما جرى وضمان عدم طمس الوقائع.
-تحميل المسؤولية الجزائية والإدارية لكل من يثبت تورطه في استعمال العنف أو إصدار الأوامر به، مهما كانت رتبته أو موقعه.
-تعليق مهام الأعوان المشتبه في تورطهم إلى حين استكمال التحقيقات، ضمانًا لنزاهة مسار البحث.
-تمكين عائلة الضحية وهيئة الدفاع من النفاذ الكامل إلى الملف الطبي والتقارير الشرعية وجميع وثائق القضية.




