04 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – قررت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس إحالة رجل الأعمال سمير جيّاب على الدائرة الجنائية لقضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، مع الإبقاء عليه تحت مفعول بطاقة الإيداع بالسجن الصادرة في حقه. وتأتي هذه الإحالة بعد نظر دائرة الاتهام في ملف أحيل إليها من القطب القضائي الاقتصادي والمالي، تضمن تهمًا متصلة بغسيل الأموال واستغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة غير مشروعة، والإضرار بالإدارة، ومخالفة التراتيب المالية المنطبقة على العمليات موضوع التتبع.
وقد كان القطب القضائي الاقتصادي والمالي قد أصدر سابقًا بطاقة إيداع بالسجن ضد جيّاب، مع إحالة متهمين آخرين في الملف بحالة سراح، قبل أن يُحال الملف إلى دائرة الاتهام بغاية تقدير القرائن القانونية وإسناد التكييف النهائي للتهم.
خلفية القضية:
يواجه سمير جيّاب جملة من التتبعات المفتوحة منذ سنوات في قضايا مالية وإدارية، بينها ملفات تتعلق بتبييض وغسيل الأموال، وفتح حسابات بنكية داخل تونس وخارجها بعملات أجنبية دون احترام ضوابط القانون، إضافة إلى تهم مرتبطة بسوء التصرف في أموال أو ممتلكات مصادرة تعود ملكيتها للدولة. وتشير بيانات قضائية إلى أنّ إحدى القضايا تتعلق بحيازة عملة أجنبية دون ترخيص قانوني، وهي المخالفة التي سبق أن صدر بشأنها حكم ابتدائي في فيفري 2025 يقضي بسجنه خمس سنوات وشهرًا واحدًا.
كما صدرت ضدّه أحكام أخرى، من بينها حكم استئنافي بالسجن مدة عامين في قضايا ذات صبغة مالية، إلى جانب إجراءات احترازية شملت تجميد ممتلكاته وأسهمه وعقاراته، مع تعيين متصرف قضائي على الشركات التابعة له إلى حين استكمال مراحل المحاكمة. ويواجه جيّاب حاليًا قضايا أخرى مفتوحة تتصل بشبهات تبييض الأموال ما تزال قيد التحقيق.
يشير مرصد الحرية لتونس أنّ ملف سمير جيّاب يمثّل حالة نموذجية للقضايا المالية المعقّدة التي تتطلب مسارات طويلة من التحقيق والتتبع أمام مختلف الدوائر المختصة. ومن الضروري التذكير بأنّ الإبقاء على المتهم رهن الإيقاف التحفظي لفترات طويلة يجب أن يخضع لمعيار الضرورة والتناسب، خاصة في قضايا ذات طبيعة محاسبية (مالية) يمكن فيها الاستعانة بإجراءات رقابية أقلّ حدّة من الإيقاف، ما لم توجد مؤشرات خطورة حقيقية.
كما يشدد المرصد على ضرورة التوازن بين مكافحة الجريمة الاقتصادية وضمان حقوق المتقاضين. ويعتبر المرصد أنّ الإيقاف التحفظي يجب أن يبقى استثناءً، لا قاعدة، وأنّ طول أمد التتبعات يستوجب تسريع الإجراءات في إطار احترام استقلال القضاء.
كما يدعو المرصد إلى تعميق التحقيقات في كل ما يتعلق بالمال العام بشكل شفاف، مع ضمان أن تكون الإجراءات الاحترازية—مثل تجميد الممتلكات وتعيين المتصرفين القضائيين—مطابقة للقانون وتستجيب لمبدأ الضرورة دون تجاوز.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
– احترام مبدأ قرينة البراءة وتمكين المتهم من حقوق الدفاع كاملة.
– مراجعة وضعية الإيقاف التحفظي في ضوء مبدأ التناسب وضرورة احترام الآجال المعقولة.
– ضمان وضوح التكييف القانوني والفصل بين الملفات المالية المختلفة.
– نشر المعطيات الأساسية المتعلقة بالقضايا المالية الكبرى بما يعزز الشفافية والثقة في القضاء.
– التأكيد على عدم توظيف الملفات الاقتصادية ورجال الأعمال في الصراعات والتوظيف السياسي.




