04 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – عقدت محكمة الاستئناف بتونس جلسة جديدة في القضية المتعلقة بالرئيس السابق لنقابة أعوان العدلية، حطاب بن عثمان، إلى جانب عدد من أعضاء المكتب التنفيذي السابق للنقابة. وقد خُصّصت الجلسة للنظر في طلبات الإفراج المقدّمة من هيئة الدفاع، لتقرّر المحكمة حجز الملف للمداولة وتأجيل القضية إلى موعد لاحق، ضمن مسار قضائي تتقاطع فيه تهم مالية وعقارية وإدارية مع شقّ آخر قيد النظر أمام القضاء المختص في القضايا الإرهابية.
وقد أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 10 ديسمبر 2024 حكمًا بسجن حطاب بن عثمان لمدة أربعة عشر عامًا وثلاثة أشهر، مع تخطئته بمبلغ يناهز 650 ألف دينار، وذلك على خلفية تهم تتعلق بتبييض الأموال، والمضاربة العقارية، والتدليس، واستعمال مدلس، وجمع تبرعات دون توفر الشروط القانونية، إضافة إلى التصرف دون وجه حق في أموال النقابة. وشملت الأحكام ثلاثة أعضاء آخرين من النقابة بعقوبات تراوحت بين ثلاث وخمس سنوات. وقد تعهّد بن عثمان وبقية المتهمين بالطعن في هذه الأحكام بالاستئناف، مع بقاء المتهمين في حالة إيقاف منذ فيفري 2023، ورفض محكمة الاستئناف في جويلية 2025 لطلبات الإفراج السابقة.
خلفية القضية:
تعود القضية إلى سنة 2021 عندما تقدّم متضرّر بشكاية تتعلق بالتحيّل، لتنطلق إثر ذلك أبحاث موسعة زعمت السلطات على اثرها بوجود حسابات مالية مرتبطة بالنقابة تضم مبالغ هامة، بينها حساب بنكي بحوالي 8 ملايين دينار وآخر بريدي يقارب 700 ألف دينار.
كما تتضمن الملفات تهمًا مرتبطة بالوساطة العقارية دون ترخيص قانوني، والتصرف في عقارات عبر تغيير صبغتها من فلاحية إلى سكنية، وتقسيمها وبيعها دون احترام التشريعات المنظمة للعقارات الفلاحية. وتشمل لائحة التهم كذلك جرائم التدليس واستعمال مدلس والتصرف في أموال جمعية ذات مصلحة قومية دون وجه حق.
بالتوازي مع التهم المالية والعقارية، يواجه بن عثمان ملفًا آخر أمام الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب، بعد إحالة صدرت عن دائرة الاتهام في جوان 2024. وتتمحور التهم في هذا المسار حول حيازة وإخفاء وثائق وقضائية ومحجوزات مرتبطة بملفات ذات صبغة إرهابية، من بينها أقراص ليزرية ووثائق يُشتبه في أنها تخص قضايا تعهّد بها القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ تعدد الملفات المرتبطة بالمتهمين، وتداخل التهم المالية مع التهم الإرهابية، يتطلب من القضاء توفير ضمانات واضحة لضمان المحاكمة العادلة، من حيث التكييف القانوني، وتمكين الدفاع من الاطلاع على كل الوثائق، واحترام آجال معقولة عند اتخاذ الإجراءات. كما يذكّر بأنّ الإيقاف التحفظي لمدد طويلة، والذي تجاوز في بعض الحالات أكثر من سنتين، يجب أن يُراجع، وأنّ الإيقاف يبقى استثناءً تُبرره الضرورة فقط.
وفي الوقت نفسه، يشدد المرصد على أن مكافحة “الفساد المالي” يجب أن يتم دون استعمال التتبعات القضائية كأداة للتشهير أو لتوجيه خطابات سياسية أو دعائية تؤثر على الرأي العام قبل صدور الأحكام النهائية٬ كما يذكّر بضرورة احترام قرينة البراءة، وعدم تقديم المتهمين كمدانين قبل استنفاد طرق الطعن.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
– ضمان احترام مبدأ قرينة البراءة ووقف كل أشكال التشهير بالموقوفين قبل صدور أحكام باتّة.
– مراجعة مدد الإيقاف التحفظي وضمان تطبيق قاعدة “الحرية هي الأصل”.
– الفصل التام بين المسارات المالية والإرهابية، وتفادي الخلط الذي يربك المتقاضين ويمسّ من حقوق الدفاع.
– تمكين الدفاع من كل الوثائق والإجراءات وتمكين المتقاضين من محاكمة عادلة في آجال معقولة.




