18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل النظر في القضية المرفوعة ضد القيادي السابق بحركة النهضة عبد الكريم سليمان، رئيس جمعية نماء تونس، والرئيس السابق لاتحاد الفلاحين عبد المجيد الزار، إلى جلسة نوفمبر المقبل، لمواصلة المرافعات في ملف تميز بتضخيم الاتهامات وغياب الوضوح القانوني في مصادر الأدلة.
خلفية القضية:
أُحيل المتهمون إلى القضاء بموجب قرار من دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس، على خلفية اتهامات تتعلق بـ“تبييض الأموال، تكوين وفاق بغاية غسيل الأموال، الإثراء غير المشروع، ومسك واستعمال مدلس”.
وتتعلق القضية أساسًا بأنشطة جمعية نماء تونس، وهي منظمة خيرية تمّ تصنيفها من قبل السلطات ضمن القضايا ذات الطابع “الإرهابي” رغم غياب حكم قضائي باتّ في هذا الشأن. كما أُدرج الملف في خانة القضايا ذات الصلة بـ“الأمن القومي” و“التمويل المشبوه”، استنادًا إلى تقارير أمنية داخلية لا تُعد أدلة قانونية كافية للإدانة.
ووفق المعطيات المتداولة، فقد تمّ تجميد حسابات بنكية وأصول عقارية قُدّر مجموعها بأكثر من 100 مليون دينار، رغم عدم صدور حكم نهائي يثبت الجريمة المالية. وتُشير تقارير هيئة الدفاع إلى أنّ هذه الإجراءات جاءت ضمن حملة سياسية استهدفت رجال أعمال وشخصيات قريبة من المعارضة، استنادًا إلى شبهات عامة لا تدعمها تقارير خبرة محاسبية مستقلة.
أما بالنسبة إلى عبد المجيد الزار، فقد شملته التتبعات في الملف ذاته بعد صدور أحكام أخرى ضده تتعلق بالاحتكار والمضاربة، إضافة إلى قضية “التآمر على أمن الدولة” التي صدر فيها حكم بالسجن 33 سنة مع النفاذ العاجل، وهو ما يعتبر عقوبة سياسية موجهة ضد أحد أبرز الفاعلين في المجال الفلاحي والاقتصادي المستقلين عن السلطة الحالية.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ القضية الموجهة ضد عبد الكريم سليمان وعبد المجيد الزار تندرج في سياق الملاحقات الانتقائية الواسعة التي تطال قيادات معارضة ورجال أعمال مستقلين، حيث يتم توظيف ملفات الجمعيات الخيرية والنشاط المالي كغطاء لتصفية حسابات سياسية.
ويؤكد المرصد أنّ الخلط المتعمد بين الأنشطة المدنية أو الاقتصادية والتهم الإرهابية يعكس انهيار المعايير القضائية الأساسية، خصوصًا في ظل غياب الأدلة القاطعة على وجود تمويل إرهابي أو عمليات غسل أموال منظمة.
كما يعرب المرصد عن قلقه من استمرار استعمال القضاء المالي كأداة لتجريم النشاط الجمعياتي والسياسي، مشيرًا إلى أنّ القرارات القضائية الأخيرة تتناقض مع مبدأ قرينة البراءة ومع التزامات تونس الدولية في مجال استقلال القضاء والحق في المحاكمة العادلة.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
ضمان محاكمة عادلة وعلنية تراعي المعايير الدولية وتستند إلى أدلة مالية ومحاسبية واضحة.
رفع التجميد عن الحسابات والأصول إلى حين صدور حكم نهائي يثبت الجريمة، احترامًا لمبدأ التناسب.
وقف استعمال تهم غسيل الأموال أو الإرهاب كذريعة لتجريم المعارضين السياسيين أو الجمعيات ذات التوجه المدني.
إجراء خبرات مالية مستقلة تحت إشراف قضاة محايدين للتثبت من مصدر الأموال والأنشطة المرتبطة بها.
الكف عن توظيف القضايا المالية والإرهابية كوسيلة للضغط السياسي والإعلامي على المعارضين ورجال الأعمال.




