تونس، 25 فيفري (فبراير) 2025 – أصدرت الدائرة الجزائية لدى محكمة التعقيب قرارًا بنقض وإحالة بخصوص الحكم الصادر عن دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس، والذي قضى بإحالة وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية بتونس، البشير العكرمي، على أنظار الدائرة الجنائية.
قرار جديد يعيد الملف إلى دائرة الاتهام
بموجب هذا القرار، سيتم إرجاع الملف إلى دائرة الاتهام للنظر فيه مجددًا عبر هيئة قضائية مغايرة، ما يعني إعادة تقييم القضية والإجراءات التي اتخذتها الدوائر السابقة وهو مؤشر يمكن اعتباره ايجابيا باعتباره يدحض كافة التهم السياسية التي كانت موجهة للعكرمي.
وكانت دائرة الاتهام قد قضت في وقت سابق بإحالة البشير العكرمي على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، لمحاكمته بشأن أعمال قضائية سبق أن باشرها، خاصة في ما يتعلق بالأبحاث المرتبطة باغتيال الشهيد شكري بلعيد.
يواجه العكرمي تهمًا تتعلق بالتلاعب في ملفات الاغتيالات السياسية، وأبرزها ملف اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي. إلا أن هذه الاتهامات تظل محل تشكيك واسع، حيث يمكن اعتبارها جزء من صراع سياسي، لا سيما في ظل استهداف القضاة الذين رفضوا الانصياع لقرارات السلطة التنفيذية.
انتهاكات جسيمة تتعلق بظروف الاحتجاز:
لم يقتصر استهداف العكرمي على الاتهامات الموجهة إليه، بل امتد إلى ظروف احتجازه، التي شهدت تجاوزات خطيرة. فمنذ اعتقاله، تعرض القاضي لظروف اعتقال قاسية، وافتقر إلى الرعاية الصحية المناسبة، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل ملحوظ.
في 12 فيفري (فبراير) 2023، دخل العكرمي في إضراب عن الطعام والتزم الصمت احتجاجًا على المعاملة القاسية التي يتعرض لها داخل السجن. وقد أدى تدهور حالته الصحية إلى اتخاذ النيابة العامة قرارًا بنقله إجباريًا إلى مستشفى الرازي للأمراض العقلية، في خطوة اعتبرتها هيئة الدفاع وسيلة لإذلاله ومحاولة كسر صموده عبر تشويه حالته النفسية.
في 19 فيفري (فبراير) 2023، حاولت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب زيارته في مستشفى الرازي، إلا أن رئيسة القسم منعتهم من مقابلته دون تقديم أي مبرر قانوني، وهو ما اعتبرته الهيئة خرقًا صارخًا للقانون وانتهاكًا لحقه في تلقي زيارة مراقبين مستقلين.
وفي 24 فيفري (فبراير) 2023، وبينما كان العكرمي يستعد لمغادرة المستشفى، حاصرت قوات الأمن المكان بشكل مفاجئ، ومنعته من الخروج، مدعية أنه يخضع لتحقيق جديد. وتعتبر هذه الخطوة خرقا قانونيا آخر في سياق حملة مستمرة لإبقائه رهن الاحتجاز، بعيدًا عن أي محاكمة عادلة.
مرصد الحرية لتونس: محاكمة العكرمي انتقام سياسي وخرق لاستقلالية القضاء
يؤكد مرصد الحرية لتونس أن القضية الموجهة ضد القاضي البشير العكرمي لا تخرج عن سياق توظيف القضاء وسط سجال سياسي. وما يتعرض له العكرمي من ملاحقات متكررة، وظروف اعتقال قاسية، وحرمان من حقه في الدفاع، يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية وضربًا لمبدأ المحاكمة العادلة.
وعليه، يطالب المرصد بـ:
- الإفراج الفوري عن القاضي البشير العكرمي، وإنهاء جميع الملاحقات القضائية ذات الخلفيات السياسية ضده.
- فتح تحقيق مستقل حول الانتهاكات التي تعرض لها داخل السجن، وضمان حصوله على الرعاية الصحية اللازمة.
- ضمان استقلالية القضاء، ووضع حد للتدخل السياسي في المسارات القضائية، بما يحمي العدالة من أن تتحول إلى أداة قمعية ضد المعارضين.