تونس، 24 فيفري (فبراير) 2025 – تلقى الصحفي زياد الهاني استدعاءً من مكتب التحقيق السابع عشر بالمحكمة الابتدائية بتونس، للحضور يوم 26 فيفري (فبراير) 2025، وذلك بصفته «متهمًا»، رغم أن نص الاستدعاء لم يتضمن نوع التهمة الموجهة إليه كما تنص على ذلك مجلة الإجراءات الجزائية في فصلها 68.
وينصّ الفصل 68 من مجلة الإجراءات الجزائية بوضوح على ضرورة ذكر «نوع التهمة» في الاستدعاء. في المقابل، لم يتم إبلاغ الهاني بطبيعة التهمة المنسوبة إليه، مما يمثل انتهاكًا واضحًا لحقه في الدفاع وإعداد نفسه للمثول أمام التحقيق.
ورغم هذا الخرق الإجرائي، أعلن الهاني أنه سيحضر الجلسة احترامًا للقضاء، رغم انتقاده للطريقة غير القانونية التي تم بها استدعاؤه.
زياد الهاني: ملاحقات لا تتوقف منذ 2023
يُذكر أن الصحفي زياد الهاني سبق أن واجه قضية سابقة ذات طابع سياسي، وتمت محاكمته وسجنه، رغم وضعه الصحي الدقيق ومعاناته من مرض السرطان، ما أثار آنذاك انتقادات حقوقية واسعة حول مدى احترام السلطات التونسية للمعايير الإنسانية وحقوق المعتقلين.
ففي 1 جانفي (يناير) 2023، أصدرت السلطات التونسية بطاقة إيداع بالسجن في حق الصحفي التونسي زياد الهاني، بعد أن وُجهت إليه تهمة «الإساءة للغير عبر الشبكات العمومية للاتصال»، استنادًا إلى الفصل 86 من مجلة الاتصالات. جاءت هذه التهمة على خلفية تصريحات أدلى بها الهاني في 28 ديسمبر 2022 عبر إحدى المحطات الإذاعية، وانتقد خلالها وزيرة التجارة التونسية.
ورغم وضعه الصحي الدقيق، أودع الهاني السجن لمدة 16 يومًا في ظروف لم تراعي حالته الصحية الخاصة. وفي 17 جانفي (يناير) 2023، قضت المحكمة الابتدائية بتونس بسجنه لمدة ستة أشهر مع تأجيل التنفيذ، ليتم الإفراج عنه في ذات اليوم.
ضغوطات وهرسلة مستمرة
لم تتوقف الضغوطات على زياد الهاني بعد هذه القضية، بل تواصلت ملاحقته والتضييق عليه، حيث تم إيقاف برنامجه «رؤى حرة»، الذي كان يُعرض على قناة «قرطاج+» (الشهر الماضي) بعد أن تناول في إحدى حلقاته ملف «التآمر على أمن الدولة»، محاولًا كشف تجاوزات الأجهزة الأمنية والقضائية في هذا الملف، الذي تستغله السلطة التنفيذية لإحكام قبضتها على المشهد السياسي وملاحقة المعارضين وإيداعهم السجن.
ويأتي استدعاؤه الحالي للتحقيق معه مباشرةً بعد بث الحلقة الأولى من برنامجه «رؤية حرة» منذ يومين (21 فيفري) والذي يشرف عليه ويُعدّه بنفسه ويعرضه عبر منصة يوتيوب. وقد تناولت هذه الحلقة تقييم أداء الرئيس قيس سعيد وفترة حكمه من خلال حوار مع برنامج الذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي»، والذي تضمن انتقادات مباشرة للرئيس، ما يثير المخاوف من استمرار استهدافه بسبب آرائه الصحفية.
مخاوف من استخدام القضاء لتقييد حرية الصحافة
يعرب مرصد الحرية لتونس عن قلقه من أن يكون هذا الاستدعاء غير القانوني جزءًا من ممارسات أوسع تستهدف التضييق على الصحفيين والمدافعين عن حرية التعبير، ويخشى من مواصلة توظيف القضاء كأداة ضغط على الإعلاميين والنشطاء الذين ينتقدون الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد.
ويدعو مرصد الحرية لتونس السلطات القضائية إلى الالتزام بالإجراءات القانونية المنصوص عليها، بما في ذلك إعلام الصحفي زياد الهاني بشكل واضح بطبيعة التهمة الموجهة إليه، وتمكينه من حقه الكامل في الدفاع وايقاف مُلاحقته من أجل مواقفه او عمله الصحفي.





