Skip links

900 يوما على اعتقال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان السابق

راشد الغنوشي

منذ اعتقال راشد الغنوشي في 17 أفريل (نيسان) 2023، تعرّض لجملة من الملاحقات القضائية المسيسة التي تُظهر بوضوح توظيف القضاء لأغراض انتقامية ضد أبرز رموز المعارضة. فبعد إيقافه بسبب تصريحات إعلامية ذات طابع سياسي، وُجّهت إليه لاحقًا تهم متعدّدة ومتشعبة شملت “التحريض على العنف”، و”تمجيد الإرهاب”، و”التمويل الأجنبي غير المشروع”، و”التآمر على أمن الدولة”، إضافة إلى إدراجه في ملفات مثل “نماء تونس” و”إنستالينغو” و”اللوبيينغ”، وهي جميعها قضايا تفتقر لأدلة مادية واضحة وتعتمد على شهادات سرية ووشايات متناقضة. وقد صدرت في حقه أحكام بالسجن بلغت في مجموعها أكثر من أربعين سنة، أغلبها في محاكمات غيابية تفتقر لأبسط ضمانات العدالة.
وتؤكد منظمات حقوقية دولية كـمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أنّ هذه القضايا تُظهر نمطًا متكررًا من الانتهاكات الإجرائية الجسيمة، مثل الإيقاف التعسفي، إطالة الحبس التحفظي، غياب الشفافية في الإجراءات، وحرمان المتهمين من التواصل الفعلي مع محاميهم أو مواجهة الشهود. كما تشير إلى أنّ التهم ذات الصبغة الإرهابية تُستخدم كغطاء سياسي لقمع الخصوم وإسكات الأصوات المنتقدة، في انتهاك واضح للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويرى مرصد الحرية لتونس أن قضية راشد الغنوشي تمثل مظلمة قضائية وإنسانية تُعبّر عن انحراف خطير في مسار العدالة، وأن السلطات التونسية تسعى من خلالها إلى تصفية الحسابات السياسية عبر المحاكم، بدل احترام مبدأ استقلال القضاء. ويطالب المرصد بـالإفراج الفوري عنه وضمان حقه في محاكمة عادلة ومستقلة، وبوضع حدّ نهائي لتوظيف القضاء كأداة للترهيب السياسي وتقويض الحريات العامة في تونس.

التهم الموجّهة إلى راشد الغنوشي منذ اعتقاله:

منذ 17 أفريل 2023، وُجّهت إلى راشد الغنوشي عدة تهم بموجب قوانين مكافحة الإرهاب وأمن الدولة، من أبرزها:

  • التحريض على العنف وتهديد الأمن العام: عقب مشاركته في “المسامرة الرمضانية” (لقاء للمعارضة في 15 افريل 2023)، اتُّهم الغنوشي بـ«التحريض على الاقتتال وتهديد السلم الاجتماعي» واعتبرت السلطات تصريحاته تهديدًا لأمن الدولة الداخلي ودعوة محتملة إلى العنف أو الحرب الأهلية.

  • التآمر على أمن الدولة الداخلي وتكوين وفاق إرهابي: وُجّهت إليه تهمة “التآمر على أمن الدولة” ضمن ما عُرف بملف “التآمر على أمن الدولة 2”. تشمل هذه التهمة اتهامات بتكوين مجموعة إرهابية والتخطيط للإضرار بأمن الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم. وحوكم معه اكثر من 16 شخصية سياسية من تيارات فكرية وايديولوجية مختلفة من بينها مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.

  • الانتماء لشبكة أنستالينغو والتحريض عبرها: اتُهم الغنوشي بوجود صلة له بشركة “إنستالينغو” المختصة في صناعة المحتوى الإعلامي. وادعت السلطات أن هذه الشركة تورطت في التحريض على العنف والتآمر على أمن الدولة، وتم إدراج الغنوشي كمتهم في هذا الملف على أساس علاقته المزعومة بالشركة.

  • تلقي تمويلات أجنبية غير مشروعة (قضية اللوبيينغ): اتهم القضاء التونسي الغنوشي (بصفته رئيس حركة النهضة) بتلقي تمويل أجنبي لدعم حملات دعائية للحركة في انتخابات 2019. هذه القضية تُعرف إعلاميًا باسم “قضية اللوبيينغ” وتتعلق بخروق مزعومة لقانون تمويل الأحزاب عبر الاستعانة بشركات أجنبية للضغط السياسي وقد قدمها محمد عبو وقامت السلطات باستغلالها بعد 25 جويلية.

  • تبييض أموال وتمويلات مشبوهة (قضية نماء تونس): وُجهت للغنوشي تهمة المشاركة في تبييض الأموال عبر جمعية “نماء تونس” الخيرية. ظهرت هذه القضية في عام 2022 عند اتهام الجمعية بتلقي تمويلات مشبوهة من الخارج، واعتبر الغنوشي أحد المعنيين بالتحقيق لارتباطه المفترض بتأسيس أو نشاط الجمعية.

  • تمجيد الإرهاب والإشادة به (“قضية الطواغيت”): اتهم أحد نقابيي الأمن التونسي الغنوشي بـتمجيد الإرهاب على خلفية خطاب تأبين ألقاه في فيفري 2022 ووصف فيه أحد قيادات النهضة الراحلين بأنه “قاوم الطاغوت”. اعتبر القضاء لفظ “الطاغوت” إشارة للأجهزة الأمنية بما يندرج تحت تمجيد أعمال إرهابية.

القضايا الجارية أمام المحاكم:

لا يزال راشد الغنوشي يواجه عددًا من القضايا التي لم يصدر فيها حكم بات حتى تاريخ إعداد هذا التقرير (أكتوبر 2025). وأبرز هذه القضايا قيد النظر:

  • قضية “المسامرة الرمضانية” (التحريض على الفتنة): وهي القضية التي اعتُقل بسببها في أفريل 2023. يُحاكم الغنوشي مع آخرين على خلفية تصريحاته بدعوى التحريض على الكراهية والعنف. تم تأجيل جلسات هذه القضية عدة مرات؛ آخرها في 30 سبتمبر 2025 حيث أجّلت المحكمة الابتدائية النظر فيها إلى 4 نوفمبر 2025، مع رفض جميع طلبات الإفراج المقدمة من هيئة الدفاع مع الاشارة الى ان الغنوشي يُقاطع جلسات المحاكمة مؤكدًا عدم توفر ضمانات المحاكمة العادلة. ووفق رسالة كتبها من السجن، شدد الغنوشي على أن تصريحاته تلك دعت إلى نبذ العنف وترسيخ الوحدة الوطنية، وأن اجتزاء كلامه شوه مضمونه لإظهاره بشكل مُحرِّض.

  • قضية “نماء تونس” (شبهات التمويل المشبوه): قضية لا تزال قيد التحقيق القضائي تتعلق بجمعية خيرية تأسست بعد الثورة. وجهت السلطات عام 2022 اتهامات للجمعية بتلقي تمويلات أجنبية مشبوهة، وزعمت وجود صلة للغنوشي بهذه الجمعية حتى أكتوبر 2025، لم يصدر حكم بعد في هذا الملف، وما زال الغنوشي مُحالًا على التحقيق فيه. تعتبر هيئة الدفاع أن هذه التهمة تندرج ضمن استهداف سياسي عبر توظيف قانون مكافحة الإرهاب لتتبع النشاط المالي للمعارضين.

  • قضية “الجهاز السري”: يُلاحقالغنوشي أيضًا في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “قضية الجهاز السري لحركة النهضة”، وهي من أكثر الملفات إثارة للجدل في تونس. وتعود جذورها إلى شكاوى تقدمت بها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تتهم فيها حركة النهضة بامتلاك جهاز سري تورّط في التجسس على مؤسسات الدولة والتستر على معطيات تتعلق بالاغتيالات السياسية التي وقعت عامي 2013 و2014.

    ورغم إدراج اسم الغنوشي ضمن قائمة المشمولين بالبحث منذ سنة 2022، فإن القضية لا تزال قيد التحقيق ولم يصدر فيها أي حكم قضائي حتى أكتوبر 2025. فقد أحال قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب الملف في جويلية (يوليو) 2024 إلى دائرة الاتهام، على أن يُحال المتهمون لاحقًا إلى الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب. وتشمل الاتهامات الموجهة في هذا الملف تكوين وفاق بقصد ارتكاب أعمال إرهابية، والانضمام إلى تنظيم ذي صبغة إرهابية، والتستر على معلومات أمنية. وتؤكد هيئة الدفاع عن الغنوشي أن القضية سياسية بحتة، وأنها تُستخدم لتشويه صورة المعارضين، في حين لم تُقدَّم أدلة مادية تربط الغنوشي بأي نشاط غير قانوني. حتى اليوم، لم يصدر أي حكم ابتدائي أو استئنافي في هذا الملف، ولا يزال قيد الإحالة أمام القضاء المختص.

  • قضايا أخرى محتملة: بالإضافة لما سبق، تجدر الإشارة إلى أن القضاء التونسي فتح عدة تحقيقات مع الغنوشي منذ 2021، بينها ما يتعلق بادعاءات حول التآمر على الدولة وملفات اخرى إبان فترة توليه رئاسة البرلمان. إلا أن معظم تلك التحقيقات لم تصل إلى أحكام قضائية بعد. وفي السياق ذاته، ينفي الغنوشي جميع التهم الموجهة إليه، ويعتبرها ملفقة وتفتقر للأدلة وجزءًا من حملة لتصفية المعارضة.

القضايا التي تم البتّ فيها (الأحكام القضائية الصادرة):

رغم استمرار بعض القضايا، صدرت أحكام قضائية ابتدائية أو نهائية في عدد من الملفات ضد راشد الغنوشي منذ اعتقاله. فيما يلي أبرز القضايا التي تم البت فيها مع وصف موجز للحكم:

  • قضية أنستالينغو: في 5 فيفري 2025 أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس أحكامًا مشددة في القضية المعروفة بشركة “إنستالينغو”. وشمل ذلك حُكمًا ابتدائيًا بسجن راشد الغنوشي لمدة 22 عامًا بتهمة “المساس بأمن الدولة” ضمن شبكة إعلامية متهمة بالتحريض. جاءت هذه المحاكمة غيابيًا في حق الغنوشي الذي قاطع الجلسات، واعتبرتها حركة النهضة قضية سياسية بامتياز وأحكامها جائرة. جدير بالذكر أن نفس القضية شهدت أحكامًا أخرى ضد شخصيات بارزة، منها الحكم على رئيس الوزراء الأسبق هشام المشيشي بالسجن 35 سنة (غيابيًا) وعلى صحفيتين بالسجن 27 سنة و5 سنوات على التوالي.

  • قضية “التآمر على أمن الدولة 2”: في 8 جويلية 2025 قضت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس بسجن راشد الغنوشي 14 عامًا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ“التآمر على أمن الدولة 2”. شملت هذه القضية مجموعة واسعة من المتهمين (نحو 20 شخصًا) من سياسيين وأمنيين سابقين، وصدرت فيها أيضًا أحكام بالسجن 12 عامًا ضد عدد من قيادات حركة النهضة ومسؤولين أمنيين سابقين، ويواجه الغنوشي في هذا الملف اتهامات متعددة أبرزها تكوين وفاق بقصد الاعتداء على أمن الدولة الداخلي ومحاولة تغيير هيئة الدولة وتمويل الإرهاب وغسل الأموال. وقد صدر الحكم الابتدائي بعد جلسات محاكمة انطلقت في ماي 2025، مع تأكيد المعارضة أن هذه المحاكمة مسيسة وتدار بمنطق الانتقام ضد الخصوم.

  • قضية “الطواغيت” (تمجيد الإرهاب): في حكم باتّ صدرت محكمة التعقيب (النقض) التونسية بتاريخ 26 فيفري 2025، تم تأييد إدانة راشد الغنوشي بتهمة “الإشادة بالإرهاب” وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 شهرًا مع إخضاعه لثلاث سنوات مراقبة إدارية. تعود وقائع هذه القضية إلى تأبين الغنوشي لأحد قيادات النهضة في فيفري 2022، حيث اعتبر الادعاء أنه بوصفه الراحل بأنه “قاوم الطاغوت” يقوم بتمجيد أعمال إرهابية ضد قوات الأمن. وكان الغنوشي قد حُكم ابتدائيًا في 2023 بالسجن 15 شهرًا في هذه القضية، وجرى تعديل الحكم في مرحلة استئناف سابقة إلى سنة واحدة سجن وغرامة 1000 دينار، قبل أن تعود محكمة التعقيب لتثبت عقوبة الـ15 شهرًا في 2025. يُعد هذا الحكم من أوائل الأحكام التي صدرت ضد الغنوشي بعد اعتقاله، ودخل حيّز التنفيذ كحكم نهائي في هذه القضية.

  • قضية التمويل الأجنبي (اللوبيينغ): أصدرت الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف في تونس بتاريخ 17 ماي 2024 حكمًا يقضي بتثبيت إدانة راشد الغنوشي وصهره (وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام) بتهمة تلقي تمويل أجنبي لحركة النهضة خلال الانتخابات. وقضى الحكم بسجن الغنوشي لمدة 3 سنوات مع النفاذ العاجل. كما تضمن تغريم حركة النهضة (بشخص ممثلها القانوني الغنوشي) بمبلغ مالي يعادل قيمة التمويلات الأجنبية غير المشروعة التي يُزعم تلقيها، والمقدرة بحوالي 1.17 مليون دولار أمريكي. وهذه القضية انطلقت تحقيقاتها منذ جويلية 2021 ضمن تتبّع تمويلات حملات انتخابات 2019 وشملت أيضًا حزب “قلب تونس” وجمعية “عيش تونسي”. رفضت حركة النهضة الحكم ووصفت القضية بأنها مسيسة، فيما تؤكد هيئة الدفاع عدم ثبوت تلقي الغنوشي أي أموال أجنبية بشكل شخصي أو بصفته الحزبية. يُذكر أن الحكم أصبح نهائيًا ما لم يتم نقضه في مرحلة التعقيب.

الأحكام السجنية الصادرة بحق الغنوشي (مددها وتواريخها)

بالنظر إلى القضايا المفصول فيها أعلاه، يواجه راشد الغنوشي أحكامًا بالسجن يبلغ مجموعها نحو 40 عامًا في الطور الابتدائي والاستئنافي. فيما يلي ملخّص الأحكام السجنية الصادرة بحقه منذ اعتقاله، مع ذكر مدة كل حكم وتاريخه:

  • السجن 22 عامًا – في القضية المعروفة إعلاميًا باسم “أنستالينغو” (حكم ابتدائي بتاريخ 5 فبراير 2025).

  • السجن 14 عامًا – في قضية “التآمر على أمن الدولة (2)” (حكم ابتدائي بتاريخ 8 يوليو 2025).

  • السجن 3 سنوات – في قضية “التمويل الأجنبي/اللوبيينغ” (حكم استئنافي بتاريخ 17 مايو 2024).

  • السجن 15 شهرًا – في قضية “الطاغوت” (تمجيد الإرهاب) – حكم باتّ بعد تصديق محكمة التعقيب بتاريخ 26 فبراير 2025.

جميع هذه الأحكام قابلة للاستئناف أو التعقيب (عدا ما صدر عن محكمة التعقيب) وفقًا للإجراءات القضائية التونسية، ويواصل الغنوشي وفريق دفاعه الطعن فيها. وقد أعلنت هيئة الدفاع عن الغنوشي مرارًا أن تلك المحاكمات سياسية وتفتقر إلى أدلة مادية، مطالبةً بضمان محاكمات عادلة ووقف “توظيف القضاء لتصفية الخصوم السياسيين”. من جانبها، دعت منظمات حقوقية دولية إلى الإفراج الفوري عن راشد الغنوشي معتبرةً احتجازه تعسفيًا، لا سيما في ظل سنّه المتقدمة وتدهور الحالة الديمقراطية في تونس.

شارك

المزيد من المقالات

صابر شوشان

الحكم بالإعدام على مواطن بسبب تدوينات تنتقد الرئيس: خروقات جسيمة وإجراءات باطلة

04 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أصدرت المحكمة الابتدائية بنابل حكمًا بالإعدام ضدّ المواطن صابر شوشان (56 سنة)، بعد إدانته بتهم تتعلق بـ”إهانة رئيس الجمهورية” و”الاعتداء على أمن الدولة الداخلي”، استنادًا إلى منشورات وتدوينات على موقع فايسبوك. ويُعدّ هذا الحكم سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي بعد 2011، ويمثل تصعيدًا غير مسبوق ضد حرية التعبير والرأي في البلاد…

منع محمد بن سالم من إجراء عملية جراحية بالمنظار في العاصمة ومواصلة فرض إقامته الجبرية

02 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أكدت عائلة الوزير الأسبق محمد بن سالم أنّ السلطات التونسية منعته من التنقل إلى العاصمة لإجراء عملية جراحية دقيقة بالمنظار، ما اضطره إلى الخضوع للجراحة بالطريقة التقليدية في مدينة قابس لغياب التجهيزات الطبية اللازمة. ويعتبر هذا القرار شكلاً من أشكال التنكيل السياسي، خاصة وأنّ بن سالم خرج من السجن على كرسي متحرك ويعاني من أمراض مزمنة وهو في سن الـ 72 عاما…

رفض الإفراج عن العكرمي واللوز يعمّق المخاوف من المحاكمات ذات الطابع السياسي

04 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية لقضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل النظر في الملف المتعلق بوكيل الجمهورية الأسبق البشير العكرمي والقيادي بالحركة الحبيب اللّوز إلى نوفمبر القادم، مع رفض جميع طلبات الإفراج عنهما…

حكم بالإعدام على مواطن بسبب تدوينات فايسبوك يثير صدمة حقوقية في تونس

03 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بنابل حكمًا ابتدائيا بالإعدام ضد مواطن تونسي على خلفية تدوينات نشرها على موقع فايسبوك، وذلك بتُهم ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية (الفصل 67 من المجلة الجزائية)، ونشر أخبار زائفة تستهدف موظفًا عموميًا أو شبهه (الفصل 24 من المرسوم 54)، والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة (الفصل 72 من المجلة الجزائية). وهي من بين أكثر التهم توظيفًا في المحاكمات السياسية وقضايا الرأي في تونس خلال السنوات الأخيرة…

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.