تونس – 17 جوان (يونيو) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الثلاثاء 17 جوان، تأجيل النظر في القضية المتعلّقة بوضع النفس تحت إمرة جيش أجنبي إلى موعد لاحق، استجابة لطلب رجل الأعمال شفيق جراية الذي التمس من المحكمة السماح له بتقديم معطيات كتابية وصفها بـ”الهامة لفائدة المصلحة العليا للبلاد”، إضافة إلى انتظار مآل الطعن في قرار دائرة الاتهام أمام محكمة التعقيب.
وتتعلّق القضية التي انطلقت منذ 2017 بشفيق جراية، مدير عام سابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية محال بحالة سراح، وسياسي ليبي محال بحالة فرار، إضافة إلى متهمين آخرين. وقد تغيب جلّ المحالين بحالة سراح عن جلسة اليوم، فيما لا يزال شفيق جراية موقوفًا بسجن المرناقية.
خلفية القضية:
انطلقت القضية منذ 2017 في سياق حملة اعتقالات أطلقها رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد، وأُحيل فيها شفيق جراية بتهم خطيرة مثل “وضع النفس تحت ذمة جيش أجنبي زمن السلم” و”الاعتداء على أمن الدولة الخارجي”. وقد أثار توقيفه المفاجئ وفتح هذا الملف، الذي يعود إلى علاقات مزعومة بجهاز استخباراتي ليبي، جدلًا سياسيًا واسعًا في البلاد، خاصة في ظل غياب أدلة واضحة طيلة سنوات التتبع القضائي.
ورغم تعدد القضايا المفتوحة ضده منذ 2017، شهد المسار القضائي في ملفات جراية تطورات لافتة، من بينها الحكم الأخير الصادر في شهر مارس 2025، والذي قضى بتقليص مجموع الأحكام الصادرة في حقه من حوالي 95 سنة إلى 4 سنوات فقط، بعد أن تم إسقاط أغلب التهم أو دمجها في ملفات موحدة، مما يعزز الشكوك حول الطابع الانتقائي والسياسي الذي يرافق هذه القضية.
موقف مرصد الحرية لتونس:
يرى مرصد الحرية لتونس أن عودة بعض القضايا المؤجلة منذ سنوات بالتزامن مع التوتر السياسي الحالي، تعكس استمرار التوظيف السياسي للقضاء، خاصة في ظل توجيه تهم فضفاضة ترتبط بـ”أمن الدولة” دون توفير ضمانات المحاكمة العادلة. كما أن التناقض الصارخ بين الأحكام السابقة (90 سنة) والحكم الأحدث (4 سنوات فقط) يطرح تساؤلات جدية حول مدى استقرار المعايير القانونية المتبعة واستقلالية النيابة العمومية.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
التحقيق في ملابسات تحريك القضية منذ 2017، بما في ذلك مدى التزام الجهات القضائية بالحياد.
ضمان احترام حقوق المتهمين، بما في ذلك حقهم في الدفاع والإعلام بملف التتبع.
وقف استخدام القضاء كوسيلة لتصفية الحسابات السياسية أو الضغط على الفاعلين الاقتصاديين.
تمكين منظمات المجتمع المدني من متابعة سير المحاكمة وضمان الشفافية التامة في هذه القضايا الحساسة.