تونس، 24 مارس (آذار) 2025 – يُتمّ اليوم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي 700 يومًا خلف القضبان، منذ اعتقاله في شهر رمضان سنة 2023، في واحدة من أبرز قضايا سُجناء الرأي في تونس بعد 25 جويلية. يأتي هذا التاريخ ليجدد التساؤلات حول استمرار احتجازه في غياب محاكمة عادلة، وفي ظل تهم اعتُبرت على نطاق واسع ذات طابع سياسي وانتقامي.
ويذكّر مرصد الحرية لتونس بأن الغنوشي لم يُحاكم على خلفية قضايا فساد أو استغلال للنفوذ أو المال العام، بل بسبب تعبيره عن رأيه السياسي ومواقفه المعارضة. إذ جاء اعتقاله بعد تصريح علني في مناسبة تأبينية، فسّرته السلطة على أنه “تحريض على الاحتراب الأهلي”، دون أي دليل واضح على وجود نية تحريض أو تهديد حقيقي للسلم العام. وقد اعتُقل في منزله مباشرة إثر هذا التصريح، ثم بدأت حملة متتالية من القضايا الملفقة تُفتح ضده، فيما بدا أنه مسار عقابي سياسي أكثر من كونه مسارًا قضائيًا مستقلًا ويبلغ عددها 9 قضايا متنوعة.
محاكمة بسبب التأبين وكلمة من القرآن تُعد تحريضًا على الإرهاب
في واحدة من القضايا المثيرة للجدل، تقدّمت أستاذة جامعية تعمل في سلك أمني بشكاية ضد الغنوشي بعد مشاركته في تأبين أحد قياديي حركة النهضة، حيث وصف الفقيد بأنه “رجل لا يخشى إلا الله، ولا يخاف من طاغوت أو ظلم”. وقد اعتُبرت عبارة “الطاغوت” – الواردة في النصوص الدينية – تمجيدًا للإرهاب وتحريضًا ضد الأمنيين، مما أدى إلى محاكمته بموجب المرسوم 54 وقانون مكافحة الإرهاب.
مسار اعتقال سياسي بقناع قضائي
يشدد مرصد الحرية لتونس على أن اعتقال راشد الغنوشي شكّل نقطة تحول خطيرة في مشهد الحريات بتونس، إذ لم يسبق أن اعتُقل زعيم سياسي بارز بسبب تصريحات تأبينية، أو بسبب استخدام تعابير دينية مألوفة في الخطاب العام.
ويرى المرصد أن الغنوشي هو ضحية استهداف سياسي مباشر، حيث تم اعتقاله أولًا، ثم سُلّطت عليه قضايا ومحاكمات متتالية، بما يخالف مبدأ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، ويكشف عن إرادة واضحة في تصفية الخصوم السياسيين عبر أدوات قضائية.
دعوة للإفراج الفوري وإنهاء التوظيف السياسي للقضاء
بمناسبة مرور 700 يوم على اعتقاله، يدعو مرصد الحرية لتونس إلى:
الإفراج الفوري وغير المشروط عن راشد الغنوشي.
وقف المحاكمات المسيسة التي تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات العدالة.
احترام الحق في حرية التعبير، وخاصة في المجال السياسي والديني.
التوقف عن استخدام القضاء كوسيلة لإقصاء المعارضين وغلق المجال العام.
إن استمرار سجن راشد الغنوشي بعد عامين من الاحتجاز، دون محاكمة عادلة أو أدلة جدية، يشكّل وصمة في سجل الحريات في تونس، ويعكس اتجاهًا مقلقًا نحو القضاء الانتقائي والتضييق على المعارضين.