لفت نظر – يعرب “مرصد الحرية لتونس” عن قلقه العميق إزاء تصاعد الإجراءات الرقابية التي تمارسها السلطات التونسية على الفضاء الرقمي، وبشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي. وتأتي هذه المخاوف على خلفية سلسلة من الاعتقالات التي استهدفت بعض الأفراد بسبب محتوى اعتبر “مخلاً بالآداب العامة”، حيث أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، يوم الاثنين 28 أكتوبر الجاري، خمس بطاقات إيداع بالسجن بحق صناع محتوى و”أنستاغراموز”.
وقد أصدرت وزارة العدل بيانًا منذ يومين أكدت فيه أنها ستتبع أصحاب المحتوى الذي يتعارض مع الآداب العامة ويؤثر سلبًا على سلوكيات الشباب، وصرحت فيه بأنها قد أمرت النيابة العمومية بفتح أبحاث جزائية ضد من “يعمّد إنتاج، أو عرض أو نشر بيانات معلوماتية أو مقاطع تسيء للقيم الأخلاقية.” ويعرب المرصد عن انزعاجه من لهجة التهديد المستخدمة في هذا البيان، حيث يرى أنها قد تعزز مناخًا من الترهيب والرقابة المفرطة بدلًا من الحوار البنّاء حول المعايير الرقمية وقضايا الشأن العام.
يذكر المرصد أن هذا النوع من البيانات ليس الأول من نوعه، إذ سبق للوزارة أن أصدرت في 14 جويلية / يوليو بيانًا مماثلًا، أكدت فيه أنها ستتصدى لكل من يساهم في نشر “الأخبار الزائفة” أو الإساءة لسمعة موظفيها أو قضاة الدولة، وأكدت فيه أن أي محاولة للتشهير أو التشويه تعرض صاحبها للمساءلة القانونية، مشيرة إلى أنها ستلاحق المتورطين داخل تونس وخارجها.
يحذر المرصد من أن هذه السلوكيات الرقابية قد تشكل مدخلاً لملاحقة النشطاء والمعارضين الرقميين، بما في ذلك الأفراد الشباب ومجموعات الحوار التي تناقش قضايا الشأن العام أو تطرح تساؤلات حول قرارات السلطة. ويرى المرصد أن حماية الحريات الرقمية وحرية التعبير على الإنترنت هما من الأسس الجوهرية للديمقراطية، وأن التوجهات الحالية قد تسهم في تقييد هذه الحريات وتعطيل دور المجتمع المدني والشباب في المشاركة الفاعلة في النقاش العام.
وفي هذا السياق، يدعو المرصد السلطات التونسية إلى التوقف عن إجراءات الرقابة والملاحقة، واحترام حقوق الأفراد في استخدام الإنترنت كوسيلة للتعبير الحر والنقاش المفتوح، بما يعزز مناخ الشفافية ويدعم المشاركة المجتمعية البناءة.
كما يحذر المرصد من مواصلة “تماهي” السلطات التونسية مع الرغبات الجماعية والاحتكام لها بدلاً من الالتزام بالقوانين والدستور، بما يضعف سيادة القانون ويهدد استقرار الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين.