14 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس تأجيل محاكمة عدد من الشخصيات السياسية البارزة في القضية المتعلقة بوفاة النائب السابق (في عهد زين العابدين بن علي) الجيلاني الدبوسي، إلى جلسة لاحقة. وتشمل قائمة المتهمين وفق قرار الإحالة الصادر عن عميد قضاة التحقيق: نور الدين البحيري وزير العدل الأسبق وقيادي بحركة النهضة، المنذر الونيسي رئيس حركة النهضة بالنيابة ووزير الصحة الأسبق، عبد القادر البهلول الوكيل العام السابق بمحكمة الاستئناف بتونس، نادية هلال الطبيبة السابقة بالسجن المدني بالمرناقية، وعبد اللطيف المكي الوزير الأسبق للصحة.
خلفية القضية:
تعود الوقائع إلى وفاة النائب الجيلاني الدبوسي في 7 ماي 2014، بعد أيام قليلة من إطلاق سراحه من السجن الذي قضى فيه أكثر من عامين إثر توقيفه في أكتوبر 2011. وقد تقدمت عائلته بشكاية قضائية حمّلت فيها مسؤولية وفاته لعدد من المسؤولين السياسيين والطبيين، بدعوى الإهمال والتقصير في الإشراف الطبي والإنساني أثناء احتجازه.
وعلى إثر ذلك، تولّى التحقيق في الملف عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس، الذي أصدر بطاقات إيداع بالسجن ضد البحيري والونيسي وهلال والبهلول، فيما تم الإبقاء على عبد اللطيف المكي بحالة سراح مع تحجير السفر ومنعه من الظهور الإعلامي.
ورغم أن دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف أيّدت الإحالة إلى القضاء الجنائي لمحاكمة المتهمين بتهم “القتل العمد والمشاركة فيه”، فإنّ هيئة الدفاع عنهم تعتبر الملف ذا طابع سياسي بامتياز، وأنه يندرج ضمن مسار ممنهج لتجريم رموز المعارضة وسجناء الرأي، خاصة أولئك الذين سبق وأن تعرضوا للملاحقة في قضايا “التآمر” و”الفساد المالي”.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ قضية الجيلاني الدبوسي، رغم حساسيتها الإنسانية، تشهد توظيفًا سياسيًا واضحًا في المرحلة الراهنة، حيث يتم استدعاؤها بعد أكثر من عشر سنوات على الوقائع، وفي ظرف يتزامن مع مواصلة اعتقال عدد من قيادات حركة النهضة والمعارضة المدنية.
ويعتبر المرصد أنّ إعادة فتح الملف وتوسيع دائرة الاتهام لتشمل أسماء سياسية بارزة يأتي في سياق تزايد محاولات السلطة استعمال القضاء لتشويه المعارضين وربطهم بملفات ذات طبيعة جنائية أو أخلاقية، وهي ممارسة تتعارض مع مبدأ استقلال العدالة وحق المتهمين في محاكمة عادلة.
كما يشير المرصد إلى أنّ الملف الأصلي صدر عن منصات إعلامية دعائية تابعة للسلطة، استخدمت في أكثر من مناسبة لتوجيه الرأي العام ضد المعارضين، مما يستدعي الحذر في التعامل مع المعطيات المتداولة ومطالبة القضاء بالارتكاز فقط على الأدلة المادية لا على التأويلات السياسية أو الإعلامية.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
ضمان حياد القضاء واستقلاله التام عن السلطة التنفيذية في النظر في القضية.
احترام قرينة البراءة لجميع المتهمين وعدم استعمال الإعلام العمومي لتشويههم قبل صدور أحكام نهائية.
تمكين هيئة الدفاع من كامل حقوقها في الاطلاع والمرافعة ومواجهة الاتهامات دون ضغوط سياسية أو إعلامية.
الكف عن توظيف الملفات القديمة لتصفية الحسابات مع المعارضين السياسيين.
دعوة المنظمات الدولية الحقوقية إلى متابعة مسار القضية لضمان التزام تونس بمعايير العدالة والإنصاف.