تونس، 13 ماي (مايو) 2025 – مثل القاضي المعفى الطيب راشد، الرئيس الأوّل السابق لمحكمة التعقيب، يوم الإثنين، أمام هيئة الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، في حين تخلّف بقية المتهمين عن الحضور.
وخلال الجلسة، تقدّم محامو أحد المتهمين بشهادة تفيد بالطعن في قرار دائرة الاتهام لدى محكمة التعقيب، وطلبوا تأجيل النظر في الملف إلى حين صدور القرار النهائي. وقد استجابت المحكمة لهذا الطلب وقررت تأجيل الجلسة إلى موعد لاحق خلال شهر جوان المقبل.
خلفية القضية:
يُعدّ الطيب راشد من أبرز الوجوه القضائية في تونس، وسبق أن شغل منصب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، أعلى سلطة قضائية ترتيبية قبل أن يتم إعفاؤه من مهامه. وتعود أطوار القضية إلى ملف فساد مالي واسع أحالته دائرة الاتهام العاشرة بمحكمة الاستئناف بتونس، وأُحيل فيه المتهم بحالة إيقاف صحبة عدد من الأشخاص الآخرين.
وتتعلق التهم الموجهة للطيب راشد، حسب ما ورد في ملف الأبحاث، بـالإرشاء، والارتشاء، والتدليس، ومسك واستعمال مدلس، وهي تهم تقع تحت طائلة القانون الجزائي التونسي في باب الجرائم الاقتصادية والفساد الإداري.
يؤكد مرصد الحرية لتونس أن محاكمة مسؤولين قضائيين بارزين في ملفات فساد مالي يُمثّل لحظة فارقة في مسار مساءلة المنظومة القضائية داخليًا، لكن ذلك لا يُبرر بأي حال الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك علنية الجلسات، والحق في الدفاع، والتقاضي على درجتين، والابتعاد عن أي توظيف سياسي للملفات.
ويشدد المرصد على ضرورة ضمان استقلال القضاء في هذه القضايا، سواء من حيث التحقيق أو الإحالة أو إصدار الأحكام، بعيدًا عن الضغوط السياسية أو الإعلامية، لا سيما في سياق يشهد فيه الجهاز القضائي أزمة عميقة بعد إعفاء العشرات من القضاة دون مسار تأديبي واضح سنة 2022.
يراقب مرصد الحرية لتونس مسار هذه المحاكمة عن كثب، ويذكّر بأن مكافحة الفساد داخل الجهاز القضائي يجب أن تُبنى على الشفافية الإجرائية، والاستقلال المؤسساتي، وضمانات المحاكمة النزيهة.
ويدعو المرصد إلى:
نشر تفاصيل القضية للرأي العام في إطار الشفافية وحق المواطن في المعلومة.
احترام مبدأ قرينة البراءة وعدم توظيف الإعلام لتوجيه المحاكمة.
حماية المسار القضائي من أي تدخل خارجي أو تصفية حسابات تحت غطاء مكافحة الفساد.
ويؤكد المرصد أن مكافحة الفساد داخل القضاء لا تكتمل إلا بقضاء مستقل ونزيه، يخضع للمحاسبة العادلة لا للانتقام السياسي أو الإعلامي.