23 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – نظرت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بالقيروان في قضية الناشط البيئي خالد التياهي، الذي يُحاكم على خلفية تدوينة نشرها على موقع فايسبوك حول انقطاع المياه في منطقة المزونة بعد سقوط سور معهد على عدد من التلاميذ. وقد قررت المحكمة تأجيل التصريح بالحكم إلى يوم 4 نوفمبر 2025.
خلفية القضية:
تعود الأحداث إلى 19 أفريل 2025 حين نشر خالد التياهي تدوينة عبّر فيها عن استيائه من غياب الماء في المزونة عقب الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها عدد من التلاميذ، مستشهدًا بتصريح لأحد أقارب الضحايا الذي أكّد أن العائلة لم تجد ماءً لغسل جثمان الفقيد.
بعد أيام، تلقى التياهي استدعاءً من الفرقة العدلية بحفوز دون إعلام مسبق بسبب الدعوى، ليكتشف لاحقًا أنّ النيابة العمومية وجّهت له تهمة “الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات” استنادًا إلى الفصل 86 من مجلة الاتصالات.
ورغم تأكيده أن مضمون التدوينة نقل شهادة حقيقية مسجلة بالصوت والصورة ومتداولة علنًا، تمّت إحالته على خلية الفصل السريع ثم على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بالقيروان.
ينصّ الفصل 86 من مجلة الاتصالات على عقوبة بالسجن من سنة إلى سنتين وخطية مالية تتراوح بين مائة وألف دينار لكل من “يتعمّد الإساءة إلى الغير أو إزعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات”.
غير أنّ هذا الفصل يُعدّ، بحسب مرصد الحرية لتونس، نصًّا فضفاضًا وغامضًا يُستخدم بشكل متزايد لتجريم التعبير الحر والنقد الاجتماعي، لا سيما ضد المدونين والناشطين المدنيين.
كما أنّ ملاحقة ناشط بيئي بسبب تدوينة تتعلق بالخدمات الأساسية والمصلحة العامة تشكّل انتهاكًا صريحًا للفصل 37 من الدستور التونسي لسنة 2022 الذي يضمن حرية الرأي والفكر والتعبير، فضلًا عن المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تكفل لكل إنسان حرية التماس ونقل المعلومات دون مضايقة.
يرى المرصد أنّ قضية خالد التياهي تجسّد نمطًا متكررًا من توظيف النصوص القانونية الغامضة لمعاقبة التعبير السلمي، وأنها تندرج ضمن سياق أوسع من التضييق على الأصوات الناقدة للسياسات العمومية أو المنددة بسوء إدارة الشأن البيئي والاجتماعي.
ويؤكد المرصد أنّ التياهي مارس حقّه المشروع في التعبير عن الرأي ضمن إطار سلمي وقانوني، وأن ملاحقته القضائية لا تتعلق بجريمة فعلية بل بحرية الكلمة، ما يُعدّ انتهاكًا لالتزامات تونس الحقوقية الدولية.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
إسقاط التهم الموجهة إلى خالد التياهي والإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط.
مراجعة الفصل 86 من مجلة الاتصالات وإلغاء الصياغات الفضفاضة التي تتيح ملاحقة التعبير السلمي.
ضمان حرية الرأي والنقد الاجتماعي خصوصًا في القضايا البيئية والحقوقية ذات المصلحة العامة.
إيقاف سياسة تجريم المدونين والنشطاء بموجب نصوص غامضة تستعمل كأداة ردع سياسي.