Skip links

بعد نصف سنة من السجن: تمديد الايقاف التحفظي لسلوى غريسة دون تهم واضحة ولا محاكمة

المديرة التنفيذية لجمعية تفعيل الحق في الاختلاف، السّيدة سلوى غريسة

تونس، 10 جوان (يونيو) 2025 – قرّر قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية ببنزرت، التمديد لمدة أربعة أشهر إضافية في الإيقاف التحفظي ضد سلوى غريّسة، المديرة التنفيذية لجمعية “تفعيل الحق في الاختلاف”، وهي جمعية تُعنى بحقوق الأقليات في تونس، وذلك دون أن تُعرض على أي محكمة ودون تسجيل أي تطور جوهري في ملفها القضائي منذ إيداعها السجن في ديسمبر 2024.

خلفية القضية

تعود القضية إلى شهر ديسمبر 2024، حين تم إيقاف سلوى غريّسة وإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقها استنادًا إلى الفصول 92 و93 و94 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، وذلك على خلفية شبهات تتعلّق بإدارة الجمعية وتمويلها.

وقد وُجّهت لها هذه التهم دون أن يُسمح لها بحق الدفاع الكامل، إذ لم تُستمع إلا ثلاث مرات فقط، وتمّ عرضها مباشرة يوم 9 ديسمبر 2024 أمام الإدارة الفرعية للبحوث الاقتصادية والمالية، دون أن تُحال على المحكمة أو تُواجه بلائحة اتهام واضحة.

ثم أُحيلت لاحقًا على أنظار وكيل الجمهورية يوم 10 ديسمبر 2024، قبل أن تصدر بطاقة إيداع بالسجن في حقها يوم 12 من الشهر نفسه. ومنذ ذلك التاريخ، لم تشهد القضية أي تطورات قانونية تُذكر، إلى حين صدور قرار التمديد الأخير.

محاكمة مؤجلة بلا مبرر:

يرى مرصد الحرية لتونس أن تمديد الإيقاف التحفظي بحق سلوى غريّسة، رغم مرور أكثر من ستة أشهر (180 يوما) على احتجازها دون صدور حكم أو توجيه تهمة جزائية واضحة، يُعد انتهاكًا صارخًا للحق في الحرية والمحاكمة العادلة، ويطرح تساؤلات جدية حول الطابع السياسي للقضية، خصوصًا في ظل بيئة من التمييز تجاه الجمعيات المدافعة عن الأقليات.

ويُذكّر المرصد بأن الإبقاء على الناشطة في السجن، مقابل الإبقاء على باقي أعضاء الجمعية في حالة سراح، يُؤشر إلى توظيف قضائي انتقائي، ويُعبّر عن محاولة واضحة للضغط على المدافعين عن قضايا غير تقليدية في المجتمع التونسي.

يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:

  • الإفراج الفوري عن سلوى غريّسة إلى حين البتّ في القضية، احترامًا لحقها في الحرية والكرامة؛

  • وقف استخدام الإيقاف التحفظي كعقوبة مقنّعة، خاصة حين لا ترافقه أدلة منشورة أو تطورات في الملف؛

  • تمكين المعنية من محاكمة عادلة وفق المعايير الدولية، وبعيدًا عن منطق التسييس أو التمييز؛

  • احترام التزامات تونس الدولية في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك العاملين في قضايا الأقليات والفئات الهشّة.

ويؤكد المرصد أن العدالة لا تُبنى على الإطالة في الاحتجاز، بل على ضمانات المحاكمة النزيهة، واحترام مبدأ المساواة أمام القانون دون انتقائية أو خلفيات سياسية.

شارك

المزيد من المقالات

بسبب وشاية من “كبير الزنزانة”: التنكيل بمحمد القلوي لمعاقبته على أداء الصلاة في وقت متأخر من الليل

30 جويلية (يوليو) 2025 – يُواجه محمد القلوي، البالغ من العمر 70 عامًا والقيادي في حركة النهضة التونسية، معاملة قاسية في سجنه بسبب ممارسته الشعائر الدينية أثناء الاعتقال. تشير مصادر عائلية إلى أن القلوي اعتاد أداء صلاة قيام الليل والدعاء في زنزانته المكتظة، مما أثار حفيظة “كبير الزنزانة”وهو  المسؤول غير الرسمي بين السجناء (الكبران). قام هذا الأخير بإبلاغ أعوان السجن والمشرفين بأن القلوي يصلي ليلًا ويدعو على “الظالمين” وبدلًا من احترام حقه في العبادة، عمد أعوان السجن إلى معاقبته بنقله إلى زنزانة أشد اكتظاظًا (تفوق طاقتها بثلاثة أضعاف) في ظل حرارة صيف تونس المرتفعة، كما تم حرمانه من العلاج الطبي الذي يحتاجه في محبسه – وهي إجراءات عقابية تنتهك أبسط حقوقه الإنسانية والدينية…

منظمة العفو الدولية تُدين المحاكمات السياسية في قضية التآمر 2 وتدعو إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين

29 جويلية (يوليو) 2025 – قالت منظمة العفو الدولية إن الأحكام الجماعية الصادرة بتاريخ 8 جويلية ضدّ 21 متهماً في ما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة 2” تمثّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان وتُعدّ مثالاً جديداً على استغلال القضاء في تونس لتصفية الحسابات السياسية وإسكات المعارضين.

وذكرت المنظمة أن هذه القضية، التي تستند إلى تهم فضفاضة تتعلق بالإرهاب وأمن الدولة، هي الأحدث في سلسلة من الملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية التي يبدو أنها تهدف إلى إسكات المعارضة السلمية وترهيب وقمع منتقدي حكومة الرئيس قيس سعيّد…

أُعتقل بسبب وشاية: الإفراج عن ياسين الصغير بعد ايقافه بسبب نشر محتوى ديني

28 جويلية (يوليو) 2025 – أفرجت السلطات القضائية عن الشاب أحمد ياسين الصغيّر (20 عامًا) بعد اعتقاله لمدة ثلاثة أيام على خلفية نشر أناشيد دينية ومحتوى توعوي على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقد أثار إيقافه حملة تضامن واسعة طالبت بإطلاق سراحه فورًا باعتباره لم يرتكب أي جرم سوى ممارسة حقه في التعبير عن معتقداته الدينية…

من كلية الطب إلى زنزانة الإرهاب: عشر سنوات سجنًا لمحمد جهاد المجدوب بسبب مصحف وثوب صلاة

تُسلط قضية الطالب محمد جهاد المجدوب، الموقوف منذ سبتمبر 2023 والمُدان بعشر سنوات سجن وخمس سنوات مراقبة إدارية، الضوء على نمط مقلق من التتبّعات الجزائية في تونس يقوم على قرائن ظرفية وتأويلات أمنية، في غياب أدلة مادية قاطعة. تم إيقاف المجدوب، البالغ من العمر 21 سنة والمُسجّل بالسنة الثالثة من كلية الطب بصفاقس، في ولاية القصرين بينما كان يحمل قميص صلاة ومصحفًا صغيرًا، ثم وُجّهت إليه تهم تتعلق بالانضمام إلى تنظيم إرهابي والتخطيط لأعمال عنف (“العزم المقترن بعمل تحضيري على القتل وإحداث جروح وضرب” و”الانضمام عمدًا إلى تنظيم إرهابي وتلقي تدريبات”) دون تقديم ما يثبت ضلوعه في أي نشاط إجرامي ملموس. وقد أثارت ظروف إيقافه، وأساليب التحقيق معه، إضافة إلى مجريات محاكمته وما تلاها من معاملة في السجن، مخاوف جدية بشأن احترام معايير المحاكمة العادلة، وضمانات سلامة الموقوفين، وحقوق الدفاع، كما تنص عليها القوانين الوطنية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان…

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.