18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس التمديد في فترة الإيقاف التحفظي لمدة أربعة أشهر إضافية بحق سلوى غريسة، المديرة التنفيذية لجمعية تفعيل الحق في الاختلاف، وذلك في إطار الأبحاث المفتوحة حول شبهات تمويل أجنبي وغسل أموال تتعلق بأنشطة الجمعية.
ويشمل ملف التتبع، بحسب ما ورد في قرار التمديد، أحكام القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، إلى جانب الفصول 6 و7 و20 و21 و35 من مجلة الصرف والتجارة الخارجية، والفصل 23 من مرسوم عدد 54 لسنة 2022 الخاص بالجرائم المعلوماتية، إضافة إلى الفصل 35 من مرسوم الجمعيات.
ويأتي هذا القرار بعد أكثر من عشرة أشهر من الإيقاف التحفظي الذي بدأ في ديسمبر 2024، وسط تزايد المخاوف الحقوقية من تسييس قضايا التمويل الأجنبي واستعمالها كأداة لتجريم العمل المدني.
خلفية القضية:
تم إيقاف سلوى غريسة يوم 10 ديسمبر 2024، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، في سياق تحقيقات فتحتها النيابة العمومية ببنزرت بناءً على تحويلات مالية أجنبية وُصفت بـ”الضخمة” وردت إلى الجمعية خلال الفترة الممتدة بين 2019 و2021، وقد بلغت قيمتها أكثر من 2.5 مليون دينار تونسي.
ورغم أن هذه التمويلات تمّت في إطار شراكات معلنة مع منظمات أوروبية وعربية، فإنّ السلطات اعتبرتها “مشبوهة”، ووجّهت إلى الجمعية تهمًا تتعلق بـ“تبييض الأموال والتآمر وتوطين مهاجرين غير نظاميين داخل البلاد”.
ويُذكر أن جمعية تفعيل الحق في الاختلاف تنشط منذ أكثر من عقد في الدفاع عن حقوق الأقليات والنساء والمهاجرين، وقد شاركت في برامج تعاون مع بعثات الاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة. وأثار إيقاف مديرتها التنفيذية وعضوين آخرين في مكتبها التنفيذي موجة تضامن واسعة داخل الأوساط الحقوقية التي اعتبرت القضية “رسالة تهديد” إلى المنظمات المستقلة العاملة في ملفات الحريات الفردية والهجرة.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ القضية ضد سلوى غريسة تمثّل تصعيدًا خطيرًا في حملة التضييق على منظمات المجتمع المدني المستقلة، التي تواجه منذ 2023 تتبعات قضائية ممنهجة تحت ذرائع التمويل الأجنبي أو الأمن القومي.
ويؤكد المرصد أنّ استعمال قوانين مكافحة الإرهاب والصرف الأجنبي في ملفات جمعيات تنشط في مجال الحقوق والحريات يمثل تجاوزًا خطيرًا لمبدأ التناسب، إذ تُستعمل نصوص زجرية ذات طابع استثنائي ضد أنشطة سلمية وعلنية مموّلة في إطار شراكات موثقة تمت عبر البنك المركزي.
كما يُلاحظ المرصد أنّ التمديد في الإيقاف التحفظي بعد عشرة أشهر دون تقديم أدلة واثباتات على المخالفات يعكس استمرار احتجاز وقائي مسيس، يهدف إلى تخويف العاملين في المجال الحقوقي، خصوصًا الجمعيات التي تشتغل على ملفات الأقليات والهجرة واللاجئين.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
الإفراج الفوري عن سلوى غريسة وجميع الموقوفين في الملف ما لم تُقدَّم أدلة مالية واضحة وموثقة.
وقف تسييس آليات الرقابة المالية ضد الجمعيات المستقلة وضمان احترام مرسوم الجمعيات والمعايير الدولية لحرية التنظيم.
ضمان محاكمة عادلة وعلنية تراعي مبدأ التناسب بين الفعل والعقوبة وتكفل حق الدفاع.
فتح تحقيق مستقل في ظروف الإيقاف والتحقيقات الأمنية التي رافقت الملف.
دعم المنظمات العاملة في قضايا الأقليات والهجرة وتوفير حماية قانونية لمدافعيها ضد الملاحقات الكيدية.




