25 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قضت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، مساء الجمعة، بسجن الرئيس المدير العام السابق للخطوط الجوية التونسية خالد الشلي مدة ثلاث سنوات، والكاتب العام السابق لنقابة الشركة نجم الدين المزوغي مدة أربع سنوات، وذلك في ما يُعرف إعلاميًا بـ“قضية الشهائد المزورة”.
خلفية القضية:
تعود أطوار الملف إلى ليلة 31 جويلية 2024، حين تمّ إيقاف خالد الشلي وعدد من المسؤولين بالشركة الوطنية “الخطوط التونسية” في إطار أبحاث حول شبهات فساد مالي وإداري في عمليات انتداب مشبوهة تتعلق باستعمال شهادات علمية مدلسة للحصول على مناصب داخل المؤسسة العمومية.
وقد أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي لاحقًا بطاقة إيداع بالسجن في حق الشلي والمزوغي، على معنى الفصلين 96 و172 من المجلة الجزائية، المتعلقين بـ“استغلال موظف عمومي لصفته للإضرار بالإدارة أو لاستخلاص فائدة لا وجه لها” و“مسك واستعمال مدلس”.
وفي 13 جوان 2025، قرّر قاضي التحقيق الإفراج المؤقت عن خالد الشلي بعد نحو 10 أشهر من الإيقاف التحفظي، غير أنّ النيابة العمومية استأنفت القرار، لتُستأنف جلسات المحاكمة لاحقًا في 11 جويلية 2025، وصولًا إلى صدور الحكم الابتدائي الحالي.
أحالت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس كلًّا من خالد الشلي ونجم الدين المزوغي بحالة إيقاف، إلى جانب عدد من المتهمين الآخرين بحالة سراح، لمحاكمتهم من أجل الانتدابات غير القانونية، واستغلال الصفة، والإضرار بالإدارة العمومية.
وتشير التقارير القضائية إلى أن الملف يتضمن شبهات انتداب موظفين دون مؤهلات حقيقية أو استنادًا إلى شهادات غير معترف بها، ما أدى إلى إخلالات في التسيير الإداري والمالي للشركة.
يرى مرصد الحرية لتونس أن القضية، رغم طابعها المالي والإداري، تطرح إشكالات جوهرية تتعلق بحقوق المتهمين وضمانات المحاكمة العادلة، خاصة في ظل طول فترات الإيقاف التحفظي التي تجاوزت المدة المعقولة، والتغطية الإعلامية الموجّهة التي سبقت صدور الأحكام.
ويؤكد المرصد أنّ مبدأ قرينة البراءة يفرض احترام التراتيب القانونية ومراعاة ظروف المحاكمة بعيدًا عن الضغط الإعلامي والسياسي، مشددًا على أنّ محاسبة الفساد لا يمكن أن تكون انتقائية أو مسيّسة.
كما يدعو المرصد إلى التفريق بين المسؤولية الجزائية الفردية والأخطاء الإدارية داخل المؤسسات العمومية، لضمان عدالة منصفة لا تُستخدم فيها المحاكمات لأغراض دعائية أو لتوجيه رسائل سياسية.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
ضمان حق خالد الشلي ونجم الدين المزوغي في الاستئناف العادل أمام درجة قضائية مستقلة ومحايدة.
مراجعة منظومة الانتدابات بالمؤسسات العمومية بما يحد من الفساد الإداري دون المساس بحقوق الأفراد.
الكفّ عن استغلال القضايا المالية في الحملات الإعلامية الرسمية لتبرير فشل السياسات العمومية.




