04 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أصدرت المحكمة الابتدائية بنابل حكمًا بالإعدام ضدّ المواطن صابر شوشان (56 سنة)، بعد إدانته بتهم تتعلق بـ”إهانة رئيس الجمهورية” و”الاعتداء على أمن الدولة الداخلي”، استنادًا إلى منشورات وتدوينات على موقع فايسبوك. ويُعدّ هذا الحكم سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي بعد 2011، ويمثل تصعيدًا غير مسبوق ضد حرية التعبير والرأي في البلاد.
خلفية القضية:
تعود الوقائع إلى 24 جانفي 2024 حين قامت فرقة مشتركة مكوّنة من سبعة أعوان بإيقاف صابر شوشان من منزله. ورغم أن رئيس المكتب الخامس بمحكمة نابل قرر لاحقًا انتفاء الصبغة الإرهابية عن الملف، وُجهت إليه تهم خطيرة تتعلق بأمن الدولة فقط بسبب منشورات نقدية تجاه رئيس الجمهورية قيس سعيد.
وخلال مراحل التتبع، مُنع شوشان من التواصل مع عائلته، التي لم تعرف مكان احتجازه إلا بعد مجهودات شخصية من شقيقه. وقد تمّ نقله تعسفيًا من سجن نابل إلى سجن مرناق ثم إلى سجن برج العامري دون إشعار مسبق للعائلة، ما يُعد انتهاكًا لحقّ الدفاع والاتصال بالأسرة.
كما أكدت العائلة أنّه أُوقف وهو يعاني من كسر في يده اليمنى ولم يتلقّ العلاج رغم النداءات المتكررة. عُقدت الجلسة الأولى بتاريخ 14 جويلية 2025 وتم تأجيل النظر إلى 01 أكتوبر، حيث صدر الحكم بالإعدام في جلسة غابت عنها الضمانات الدنيا للمحاكمة العادلة.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ القضية تتضمن خروقات متعددة تمسّ جوهر العدالة، أبرزها:
إيقاف دون احترام الإجراءات القانونية ودون مبرّر واضح يتناسب مع طبيعة التهمة.
انتهاك الحق في التواصل مع العائلة وحرمانه من الرعاية الطبية رغم إصابته.
نُقل تعسفية متكررة بين السجون دون إعلام رسمي للعائلة أو الدفاع.
تأخير الجلسات دون مبررات كافية ثم إصدار حكم الإعدام في ملف ذي طابع تعبير سلمي.
انهيار الحالة النفسية للمتهم بعد الحكم نتيجة الصدمة والحرمان من الرعاية الطبية.
أوضاع إنسانية واجتماعية مأساوية:
أفادت العائلة بأن والدة صابر شوشان تعاني من أمراض مزمنة، فيما تعاني ابنته الكبرى من ضيق تنفس حاد يستوجب علاجًا شهريًا بمستشفى عبد الرحمان مامي ومستشفى الأطفال، بينما فقدت ابنته الصغرى القدرة على الكلام بسبب الصدمة النفسية الناتجة عن اعتقال والدها. أما زوجته فتعاني من مرض في القلب وتستعد للخضوع لعملية جراحية لتركيب لولب، ما يزيد من هشاشة الوضع العائلي والإنساني للأسرة بأكملها.
يعتبر المرصد أن إصدار حكم بالإعدام على خلفية منشورات فايسبوك يُعدّ انحرافًا خطيرًا في استعمال السلطة القضائية ومساسًا جوهريًا بمبدأ التناسب بين الفعل والعقوبة. فحرية التعبير حقّ أساسي مكفول دستوريا ودوليا، ولا يجوز بأي حال تكييف النقد السياسي كاعتداء على أمن الدولة. كما أن الخروقات المسجّلة أثناء الإيقاف والتحقيق والحكم تؤكد انهيار ضمانات المحاكمة العادلة وتحوّل القضاء إلى أداة للترهيب.