09 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية ببن عروس لأعوان الفرقة المركزية لمكافحة الإجرام بإدارة الشؤون العدلية للحرس الوطني بالاحتفاظ بالكاتب العام السابق لنقابة التعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي، وذلك من أجل ما نُسب إليه من شبهات احتكار ومضاربة في مادة البطاطا. وجاء هذا الإجراء إثر مداهمة ميدانية نفذتها الوحدات الأمنية لمخزن كائن بجهة مرناق، تم العثور داخله على حوالي خمسة عشر طناً من البطاطا المزروعة داخل أرض فلاحية تابعة لليعقوبي، بحسب ما ورد في البلاغات الأمنية الرسمية.
خلفية القضية:
تشير المعطيات الأولية إلى أنّ القضية تندرج ضمن حملة وطنية أطلقتها السلطات لمكافحة الاحتكار والمضاربة في المواد الفلاحية والغذائية. غير أنّ ايقاف الأسعد اليعقوبي، وهو نقابي بارز ووجه معروف بانتقاداته المتكررة لسياسات الحكومة والسلطة التنفيذية، أثار تساؤلات واسعة في الأوساط النقابية والحقوقية حول مدى نزاهة الإجراء ودوافعه الحقيقية.
وفق ما جمعه مرصد الحرية لتونس من مصادر قريبة من الملف، فإنّ الأسعد اليعقوبي لم يكن يدير نشاطاً تجارياً، بل كان يملك أرضاً فلاحية صغيرة تُستغل جزئياً في زراعة البطاطا ضمن عقود شراكة مع فلاحين محليين. وتشير هذه المصادر إلى أنّ المخزن محلّ المداهمة لا يُستعمل للترويج التجاري أو الاحتكار، بل لتخزين المحصول قبل توزيعه في السوق المحلية، كما هو معمول به في المناطق الزراعية.
ويرجّح محاموه أن تكون التهم مبنية على معطيات أولية غير دقيقة أو على تأويل مفرط لنشاط فلاحي قانوني، داعين إلى ضرورة التمييز بين الاحتكار الجرمي المنصوص عليه بالفصل 131 من المرسوم عدد 14 لسنة 2022 وبين التخزين الفلاحي الموسمي المشروع.
كما أثارت بعض المنظمات النقابية تساؤلات حول تزامن الإيقاف مع تصاعد التوتر بين الحكومة وبعض القيادات النقابية المستقلة، معتبرة أن هذا التوقيت “يثير شبهة التوظيف السياسي لآلية الزجر الاقتصادي لتصفية الخصوم”.
يرى المرصد أن الاحتفاظ بنقابي سابق معروف بمواقفه المعارضة في قضية غير واضحة المعالم يطرح مخاوف جدّية بشأن توظيف القضاء والأجهزة الأمنية لتوجيه رسائل سياسية.
ويؤكد المرصد أنّ مكافحة الاحتكار لا يجب أن تتحوّل إلى ذريعة لتكميم الأصوات أو لتصفية الخلافات مع النشطاء النقابيين، داعيًا إلى ضمان الحق في محاكمة عادلة تراعي مبدأ التناسب بين الفعل المنسوب والعقوبة المحتملة.
كما يلفت إلى أن الخلط بين النشاط الفلاحي الخاص والمضاربة التجارية يتطلب تدقيقًا قضائيًا شفافًا قائمًا على الخبرة الفنية والمالية المستقلة، لا على الانطباعات أو الحملات الإعلامية الموجهة.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
تمكين الأسعد اليعقوبي من حق الدفاع الكامل والاطلاع على كل محاضر البحث والتحقيق.
إجراء خبرة فنية مستقلة لتحديد طبيعة النشاط الزراعي ونفي أو إثبات وجود احتكار فعلي.
تجنّب أي تسييس للملف أو توظيف للنيابة العمومية في تصفية الخلافات النقابية والسياسية.
إطلاق سراحه مؤقتًا إلى حين استكمال التحقيقات ما لم تثبت نية جنائية واضحة.
ضمان حياد القضاء المالي والاقتصادي واحترام قرينة البراءة.