15 ديسمبر (كانون الأول) 2025 – توفي الشاب نعيم بن نور الدين البريكي، 30 سنة، يوم 12 ديسمبر 2025 بالمستشفى الجامعي ابن الجزار بالقيروان، متأثرًا بإصابات خطيرة تعرّض لها إثر مطاردة أمنية انتهت باعتداءات عنيفة. ويؤكد مرصد الحرية لتونس أن المعطيات الميدانية المتوفرة تدلّ على شبهة استعمال مفرط للقوة والتعنيف الوحشي ما أدّى إلى الوفاة.
عرض الوقائع:
وفق ما وثّقه الفريق الميداني لمرصد الحرية لتونس، واستنادًا إلى إفادات متطابقة من عائلة الفقيد وعدد من الشهود، تعود الوقائع إلى ليلة 22 نوفمبر 2025، عندما كان نعيم البريكي يقود دراجة نارية قبل أن يتعرض لمطاردة أمنية بدعوى عدم الامتثال لإشارة توقّف، قبل أن تنتهي المطاردة بصدمه بواسطة السيارة. وبعد سقوطه أرضًا، تعرّض لاعتداء جسدي عنيف من قبل أعوان أمن، خلّف إصابات خطيرة في الرأس شملت نزيفًا داخليًا وكسورًا في الجمجمة. وقد نُقل إلى المستشفى في وضع صحي حرج، وبقي تحت العلاج قبل أن يفارق الحياة بعد نحو أسبوعين (في الاثناء خرج من المستشفى وقام أهله باعادته بسبب تدهور صحته).
المعاينات البصرية للإصابات، كما تظهر في صور التُقطت له داخل المستشفى قبل وفاته، تُبيّن آثار عنف شديد على مستوى الوجه والرأس، لا يمكن تفسيرها بحادث مرور بسيط، وتنسجم مع فرضية الاعتداء اللاحق لعملية الصدم. ويؤكد المرصد أن طبيعة هذه الإصابات، مقترنة بتسلسل الأحداث، تعزّز بشكل جدي شبهة التعذيب أو المعاملة القاسية واللاإنسانية المفضية إلى الموت، كما هي معرّفة في الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
ويشدّد المرصد على أن:
طبيعة الإصابات وتمركزها وتدهور الحالة الصحية قبل الوفاة تشكل قرائن جدية على تعرض الضحية للتعذيب أو للعنف الشديد والمتعمد، بما يخالف الفصل 25 من الدستور التونسي، واتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها تونس.
غياب الشفافية والصمت الرسمي:
ورغم إعلان النيابة العمومية فتح تحقيق، يسجّل مرصد الحرية لتونس غياب أي رواية رسمية مفصّلة من وزارة الداخلية أو المصالح الأمنية توضّح:
كيفية التدخل الأمني وعدد الأعوان وطبيعة استعمال القوة أو ظروف نقل الضحية وإيوائه الصحي.
ويعتبر المرصد أن هذا الصمت الرسمي يُعمّق الشبهات ولا ينسجم مع واجب الدولة في الشفافية والمساءلة، خاصة في حالات الوفاة تحت يد موظفيها.
احتجاجات القيروان والإيقافات:
أدّت وفاة نعيم البريكي إلى اندلاع احتجاجات شعبية في أحياء من مدينة القيروان يومي 12 و13 و14 ديسمبر 2025، عبّر خلالها المواطنون عن غضبهم ورفضهم للإفلات من العقاب.
وقد تم إيقاف 21 شخصًا على خلفية هذه الاحتجاجات، وهو ما يراه المرصد توسيعًا للانتهاك بدل معالجة أسبابه، ويثير مخاوف حقيقية من استعمال الإيقاف كأداة ردع جماعي.
موقف مرصد الحرية لتونس:
يؤكد مرصد الحرية لتونس أن قضية نعيم البريكي لا يمكن التعامل معها كحادث معزول، بل تندرج ضمن سياق أوسع من الانتهاكات المرتكبة أثناء التدخلات الأمنية، خاصة في الجهات الداخلية والمهمّشة.
ويعتبر المرصد أن وجود شبهة تعذيب واستعمال العنف المفرط في هذه القضية ثابتة بالمعطيات الأولية، وأن أي محاولة للالتفاف عليها أو تأجيل المحاسبة تمثل إخلالًا جسيمًا بالتزامات الدولة التونسية في مجال حقوق الإنسان.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
–فتح تحقيق قضائي مستقل وعاجل في شبهة التعذيب المفضي إلى الموت، بإشراف قضائي كامل وخبراء طب شرعي مستقلين.
-تعليق مهام الأعوان المشتبه في تورطهم إلى حين استكمال التحقيقات، ضمانًا لنزاهة البحث.
-نشر نتائج التحقيق للرأي العام دون انتقائية أو تلاعب.
-الإفراج الفوري عن الموقوفين على خلفية الاحتجاجات، أو محاكمتهم في حالة سراح مع احترام كامل للضمانات القانونية.
-تمكين عائلة الفقيد من حقها في الحقيقة والعدالة وجبر الضرر والتعويض.
-وضع حدّ نهائي لسياسة الإفلات من العقاب في قضايا التعذيب والعنف الأمني.




