11 سبتمبر (أيلول) 2025 – قرّرت دائرة الاتهام المختصّة بالنظر في قضايا الفساد المالي لدى محكمة الاستئناف بتونس إحالة الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين ووزير أملاك الدولة الأسبق مبروك كورشيد على أنظار الدائرة الجنائية لقضايا الفساد المالي، وذلك على ذمّة ملفّين مرتبطين بأعمال هيئة الحقيقة والكرامة: يتعلق الملف الأوّل بالصلح المتعلّق بملفّ البنك التونسي الفرنسي (BFT) مع التونسي المقيم بفرنسا عبد المجيد بودن (مع إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقّه)، والثاني حول الصلح المبرم مع سليم شيبوب مع رفض الإفراج عنه.
خلفية القضايا:
يرتبط الملفّ الأوّل بنزاع البنك التونسي الفرنسي الذي تناولته هيئة الحقيقة والكرامة ضمن أعمال التحكيم والمصالحة، وأدرجته في تقريرها النهائي وما تلاه من مراسلات مع رئاسة الجمهورية بشأن تسليم التقرير، وسط جدل حول فصول الفساد البنكي والملحقات التقنية، وهو ما وثّقته تقارير حقوقية ودولية عدة عند تقييم مسار العدالة الانتقالية ونشر التقرير النهائي في 2019.
أمّا الملفّ الثاني فيتعلّق بإجراءات التحكيم والمصالحة التي تقدّم بها سليم شيبوب في إطار قانون العدالة الانتقالية، وهو أوّل رجال الأعمال الذين استفادوا من مسار التحكيم لدى الهيئة منذ 2016، قبل أن يُلاحَق لاحقًا في قضايا مالية منفصلة خارج مسار العدالة الانتقالية.
يرى المرصد أنّ توظيف ملفات التحكيم والمصالحة في العدالة الانتقالية لإعادة فتح ملاحقات على أساس جنائي، دون معايير شفافية وإتاحة كاملة للوثائق ومحاضر الهيئة، ينسف الغاية الأصلية من هذا المسار، ويؤشّر إلى تسييس العدالة وممارسة ضغط انتقائي على شخصيات ارتبط اسمها بإدارة ملفّ الانتهاكات والفساد خلال أعمال الهيئة. ويؤكّد المرصد أنّ أي تتبّعات يجب أن تقوم على أسس قانونية واضحة، مع احترام مبدأ علنية الإجراءات، وتمكين الدفاع من الاطّلاع الشامل على الوثائق، وضمان عدم استخدام القضاء كأداة لإجهاض ذاكرة العدالة الانتقالية أو تصفية الحساب مع رموزها.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
نشر كامل الوثائق والمحاضر ذات الصلة بملفّي التحكيم والمصالحة موضوع الإحالة، وتمكين الدفاع والعموم من الاطّلاع عليها لضمان الشفافية.
ضمان محاكمة عادلة تُحترم فيها حقوق الدفاع وعلنية الجلسات، والكفّ عن أي توظيف سياسي لملفّات العدالة الانتقالية.
صون مبادئ ومسار العدالة الانتقالية كما التزمت بها الدولة في تقاريرها وتعهداتها الدولية، وعدم تحويلها إلى مدخل لعقوبات جنائية انتقائية.
إحالة أي شبهات فساد إلى مسار قضائي مستقل ومحايد، بعيدًا عن الضغط التنفيذي والإعلامي، مع احترام قرينة البراءة.