28 جويلية (يوليو) 2025 – أفرجت السلطات القضائية عن أحمد ياسين الصغيّر (20 عامًا) بعد اعتقاله لمدة ثلاثة أيام على خلفية نشر أناشيد دينية ومحتوى توعوي على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقد أثار إيقافه حملة تضامن واسعة طالبت بإطلاق سراحه فورًا باعتباره لم يرتكب أي جرم سوى ممارسة حقه في التعبير عن معتقداته الدينية.
ياسين الصغير هو صانع محتوى تونسي عُرِف بتديّنه واهتمامه بالرياضة والأناشيد الإسلامية. وهو طالب في العشرين من عمره يتمتع بسمعة طيبة في محيطه وعلاقاته الاجتماعية. وقد اعتاد ياسين مشاركة متابعيه عبر الإنترنت مقاطع فيديو ذات طابع ديني توعوي، تشمل مدائح وأناشيد إسلامية تهدف لغرس القيم الإيجابية لدى الشباب -تجدر الإشارة إلى أن محتوى ياسين لم يتضمن ما يدعو إلى العنف أو التطرف -كما انه لم يحرض على الكراهية – بل اقتصر نشاطه على التعبير السلمي عن هويته الدينية. هذه الخلفية تجعل اعتقاله بسبب محتوى دعوي أمرًا صادمًا ومثيرًا للقلق بشأن وضع الحريات في تونس.
تفاصيل الإعتقال:
في فجر يوم 24 جويلية 2025، داهمت وحدات أمنية منزل ياسين الصغير وألقت القبض عليه بطريقة مباغتة. وجاء هذا الإيقاف بموجب قانون مكافحة الإرهاب إثر وشاية أمنية تفيد بتورطه في نشر مواد “مشبوهة” على الإنترنت. وصُنِّفَت الأناشيد الدينية والمدائح التي دأب ياسين على مشاركتها بأنها تحمل مضامين مُريبة قد تتصل بالتطرف، رغم خلوها الظاهر من أي تحريض. وتم اقتياد ياسين إلى جهة أمنية مختصة في قضايا الإرهاب حيث خضع للتحقيق حول محتوى منشوراته وخلفياتها. ولم تُقدَّم لأسرته في البداية معلومات واضحة عن أسباب الايقاف، مما زاد من قلقهم على مصيره. طوال فترة احتجازه (3 أيام) لم يُسمح لمحاميه أو عائلته بالتواصل المباشر معه وفق ما أفادت به مصادرنا، وذلك على غرار ما يتعرض له موقوفون آخرون في قضايا مشابهة. ولم يتعرّض ياسين لسوء معاملة أو انتهاكات جسدية أثناء احتجازه، حسب ما توافر من معلومات ويبدو أن السلطات الأمنية اكتفت بالتحقيق معه حول طبيعة أناشيده ومقاصدها دون تسجيل تجاوزات بحقه.
ردود الفعل والحملة التضامنية:
أثار اعتقال ياسين الصغير موجة غضب على منصات التواصل الاجتماعي وفي أوساط المدافعين عن حقوق الإنسان والحريات الدينية في تونس. أطلق ناشطون وإعلاميون حملة إلكترونية تحت شعار #سيّب_ياسين و #سيّب_شباب_تونس للمطالبة بإطلاق سراحه فورًا، معتبرين إيقافه تعديًا صارخًا على حرية المعتقد والتعبير. وشدد المتضامنون على أن مجرد نشر محتوى ديني توعوي لا يمكن أن يُعد جريمة إرهابية، مستنكرين توظيف تهمة الإرهاب لمعاقبة شاب ملتزم دينياً. واعتبر ناشطون أن ما جرى مع ياسين يُعدّ فضيحة تكشف إساءة استخدام قانون الإرهاب وتحويله عن غايته الأساسية، حيث استُغلّ بشكل مثير للسخرية لقمع حرية التعبير والمعتقد. ورأى كثيرون في الواقعة عودة إلى ممارسات النظام البوليسي في عهد بن علي حين كانت النشاطات الدينية والشبابية تُقمَع تحت ذرائع أمنية. وأكد معلقون أن تصاعد التضييق على الحريات العامة وتزايد إيقاف الشباب في الآونة الأخيرة ينبئ بمنحى خطير يهدد مكتسبات ثورة 2011 في ما يتعلق بحرية التعبير والاعتقاد. ولقيت حملة التضامن مع ياسين تفاعلًا واسعًا، حيث عبّر آلاف المستخدمين عن رفضهم لاعتقاله واعتباره سجين رأي وطالبوا باحترام حقه في التعبير السلمي عن تدينه دون خوف من الملاحقة.
الإفراج عن ياسين:
بعد بضعة أيام من الاحتجاز والتحقيق، تم الإفراج عن الشاب ياسين الصغير بتاريخ 27 جويلية 2025 دون توجيه تهم رسمية خطيرة بحقه. وأفاد مصدر رسمي أن إطلاق سراحه جاء “بعد التحري معه بخصوص مشاركته لأغاني ومدائح مشبوهة”، في إشارة إلى أن السلطات حققت في مدى ارتباط تلك الأناشيد بالتوجهات المتطرفة قبل أن تقرر إخلاء سبيله. وخرج ياسين من الايقاف وهو بحالة صحية ومعنوية جيدة وفق المقربين منه، ولم يُبلّغ عن تعرضه لأي سوء معاملة خلال فترة إيقافه. ويُعتقد أن الضغط الشعبي وحملة التضامن الكبيرة ساهما في تسريع الإفراج عنه وعدم الزج به في إجراءات قضائية مطوّلة. وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير لم تُعرف تفاصيل اضافية عن فرض قيود لاحقة عليه؛ ويبدو أنه عاد لمزاولة حياته الطبيعية مع التحفظ في الوقت الراهن بشأن نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد توجّه ياسين بالشكر لكل من آزره أثناء محنته في رسالة صوتية على حسابه الاجتماعي، مؤكدًا أنه سيواصل نشر رسائل إيجابية تخدم المجتمع ضمن الأطر القانونية.
توصيات المرصد:
تسلط قضية ياسين الصغير الضوء على مخاوف متزايدة حيال توظيف قوانين مكافحة الإرهاب في غير موضعها لاستهداف المحتوى الديني. ويعتبر المرصد انه على السلطات التونسية الالتزام باحترام حرية التعبير والمعتقد بموجب الدستور التونسي والتعهدات الدولية، وعدم تجريم الأفراد بسبب محتوى سلمي ذي طابع ديني. وعليه، يتعيّن على السلطات الكف عن ملاحقة الأشخاص لمجرد تبنيهم توجهات دينية أو نشرهم مواد دعوية غير عنيفة. كما يجب مراجعة وتضييق نصوص قانون مكافحة الإرهاب لضمان عدم استخدامها كسيف مسلط على حرية الفكر والتعبير.
ويشدد المرصد على ضرورة إسقاط كافة التتبعات القضائية والأمنية بحق ياسين الصغير لتصحيح الظلم الذي لحق به، وضمان ألا تتكرر هذ الحادثة مع غيره من الشباب٬ كما يدعو إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين ظلمًا والكف عن ترهيب النشطاء والشباب تحت ذريعة الحفاظ على الأمن.
المصادر:
الحصري – الإفراج عن الشاب ياسين الصغير – 27-07-2025
مجلة ميم – تونسيون يطلقون حملة “#سيّب_ياسين” للمطالبة بإطلاق سراح ياسين الصغير 25-07-2025