10 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قضت الدائرة الجنائية المختصّة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس بسجن الوزير الأسبق للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ( تولّى منصب أمين عام مساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل مكلّف بالتعليم ثم بالاتصال والعلاقات الدولية) لمدة ست سنوات (وهو حاليًا خارج البلاد)، وبسجن المدير العام السابق لديوان التونسيين بالخارج عبد القادر المهذبي لثلاث سنوات، وذلك في ما يعرف بملف تعيين الملحقين الاجتماعيين بعدد من السفارات التونسية بالخارج خلال سنوات 2017 و2018 و2019.
خلفية القضية:
انطلقت الأبحاث القضائية بعد رصد إخلالات كبيرة وشبهات فساد ورشوة في عمليات انتداب وتعيين الملحقين الاجتماعيين بالسفارات، حيث كشف التحقيق عن تجاوزات في المعايير القانونية وتضارب مصالح وتدخلات غير مشروعة في إجراءات التعيين. وأكدت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس في ديسمبر 2023 إحالة الوزير الأسبق والمدير العام السابق على أنظار الدائرة الجنائية المختصّة بقضايا الفساد المالي بحالة سراح، بتهم تتعلق بـ“استغلال موظف عمومي صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لغيره، والإضرار بالإدارة، ومخالفة التراتيب لتحقيق منافع شخصية”، وذلك استنادًا إلى الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية.
وقد تمت المحاكمة بعد استكمال التحقيقات وإتاحة الفرصة للمتهمين لتقديم دفوعاتهم، قبل أن تصدر المحكمة حكمها بالسجن، مؤكدة بذلك أنّ ملفات الفساد المالي والإداري داخل أجهزة الدولة تخضع لرقابة قضائية مشددة.
يرى المرصد أنّ هذه الأحكام تمثل تطورًا قضائيًا مهمًا في مجال مكافحة الفساد الإداري والمالي، لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات حول مدى حياد الانتقائية في المحاسبة، خصوصًا في ظل غياب نفس الصرامة في ملفات أخرى ذات طابع سياسي أو مالي تمسّ مقربين من السلطة.
ويؤكد المرصد أنّ مكافحة الفساد لا يمكن أن تكون فعالة إلا في إطار قضاء مستقلّ ومحايد يضمن المساواة أمام القانون، بعيدًا عن الانتقائية أو التوظيف السياسي.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
الكشف العلني عن تفاصيل الأحكام وأسبابها القانونية ضمانًا للشفافية.
متابعة تنفيذ الأحكام ومساءلة كل من ثبت تورطه في تجاوزات مشابهة داخل الإدارات العمومية.
ضمان حياد القضاء في قضايا الفساد، وعدم توظيفها لتصفية حسابات سياسية.
تفعيل إصلاحات شاملة في آليات الرقابة والحوكمة داخل وزارة الشؤون الاجتماعية وديوان التونسيين بالخارج.
دعم استقلالية القضاء المالي وتعزيز دوره في محاسبة المسؤولين دون استثناء أو تمييز.