تونس، 10 جوان (يونيو) 2025 – أصدرت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بمحكمة الاستئناف بتونس، مؤخرًا، بطاقتي إيداع بالسجن في حق رجل الأعمال والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي وشقيقه غازي القروي، مع قرار بإحالتهما على أنظار الدائرة الجنائية المختصة لدى المحكمة الابتدائية بتونس لمحاكمتهما من أجل شبهات فساد مالي وإداري وتبييض أموال.
خلفية القضية: تتبعات مستمرة منذ 2017 في مناخ من التجاذبات السياسية
تعود جذور القضية إلى سنة 2017، إثر تقدم منظمة “أنا يقظ” بملف للنيابة العمومية ضد الأخوين القروي، حول شبهات تبييض أموال، تهرب ضريبي، وفساد مالي وإداري. ومنذ ذلك التاريخ، توالت الإجراءات القضائية من إصدار قرارات تجميد أموال ومنع سفر في 2019، إلى توقيف نبيل القروي خلال حملته الانتخابية للرئاسيات في أغسطس 2019، وهو ما أثار حينها جدلًا واسعًا بسبب توقيت التوقيف خلال منافسته على منصب الرئاسة.
ورغم الإفراج عنه مؤقتًا قبيل الجولة الثانية للانتخابات، ظل الملف مفتوحًا، مع تجدد توقيفه في 2020، ثم الإفراج عنه في 2021. ومنذ أحداث 25 جويلية 2021 التي عطّل خلالها الرئيس قيس سعيّد عمل البرلمان وركّز السلطات بيده، غادر الأخوان القروي تونس سرًا إلى الجزائر ثم إلى أوروبا حيث استقرا بفرنسا، وتقدما بطلبات لجوء ما تزال تمنحهما حماية مؤقتة من التسليم للسلطات التونسية.
ملف قديم يوظف في مناخ من تصفية المعارضين:
يرى مرصد الحرية لتونس أن هذه التطورات الأخيرة في ملف القرويين تأتي في سياق سياسي أوسع يتسم بـتصاعد حملات الملاحقة القضائية ضد الشخصيات المعارضة أو غير المنسجمة مع خيارات السلطة الحالية.
وبحسب ما أورده الملف القضائي وما نسبته الجهات القضائية المختصة من اتهامات، تتعلّق القضية بشبهات مالية وإدارية تعود إلى سنوات سابقة، ، إلا أن طريقة تحريك الملف والتوقيت السياسي الذي يرافقه يثير مخاوف جدية من توظيف القضاء كأداة لمعاقبة الخصوم السياسيين أو تصفية من يعتبرهم النظام الحالي جزءًا من تركيبة ما بعد الثورة.
ويذكّر المرصد أن منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية سبق أن عبّرت عن قلقها العميق من موجة الاعتقالات والملفات القضائية التي تُحرك بشكل انتقائي ضد قيادات المعارضة تحت غطاء مكافحة الفساد، داعية إلى محاكمات عادلة وفق الضمانات القانونية والابتعاد عن منطق العقاب السياسي المغلف بالقانون.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
ضمان علنية المحاكمة وتمكين الرأي العام من الاطلاع على كافة المعطيات والأدلة بشكل شفاف؛
ضمان محاكمة عادلة تحترم مبدأ قرينة البراءة، دون خضوع لإملاءات سياسية أو انتقامية؛
وقف توظيف القضاء كأداة لتصفية الخصوم السياسيين تحت غطاء مكافحة الفساد؛
ضمان استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، بما يرسخ ثقة الرأي العام في منظومة العدالة.
ويؤكد المرصد أن الفساد لا يُحارب بإجراءات انتقائية أو في مناخ من تصفية الحسابات السياسية، بل عبر عدالة نزيهة، شاملة، وشفافة تطال الجميع دون استثناء أو حماية.