19 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس رفض جميع مطالب الإفراج المقدّمة لفائدة الكاتب العام الجهوي لحركة النهضة بباجة محمد صالح بوعلاقي وعدد من أعضاء المكتب الجهوي للحركة ونقابيين آخرين، مع تأجيل محاكمتهم إلى نوفمبر 2025. ويأتي هذا القرار بعد أكثر من 19 شهرًا من الإيقاف التحفظي في قضية سياسية ومبنية على تهم فضفاضة.
خلفية القضية:
تعود القضية إلى تاريخ 10 مارس 2023 حين قامت الوحدات الأمنية بإيقاف محمد صالح بوعلاقي رفقة عدد من أعضاء المكتب الجهوي لحركة النهضة في باجة ونقابيين محليين، قبل نقلهم إلى وجهة غير معلومة ثم إحالتهم لاحقًا إلى فرقة مكافحة الإرهاب ببوشوشة.
ووفق ما أكدته هيئة الدفاع وتقارير صادرة عن منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش، تم فتح بحث قضائي ضد بوعلاقي تحت شبهة “التآمر على أمن الدولة” و“الارتباط بدولة أجنبية” و“الإساءة إلى رئيس الجمهورية”، بالإضافة إلى تهم ذات صبغة إرهابية بسبب إدارة أو المشاركة في صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تنتقد سياسات النظام.
ورغم غياب أي أدلة مادية أو وقائع محددة تثبت وجود مؤامرة أو علاقات خارجية، فقد تم إدراج الملف في إطار قانون مكافحة الإرهاب، مما مكّن السلطات من التمديد في الاحتفاظ وتقييد حق الدفاع بذريعة “الطابع الخطير للقضية”.
كما لم تُعلن النيابة العمومية عن أي نتائج ملموسة للتحقيقات، في حين حُرم فريق الدفاع من النفاذ الكامل إلى محاضر البحث، ما يُعدّ خرقًا صارخًا لضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الدستور والمعايير الدولية.
يأتي هذا الملف ضمن سلسلة الملاحقات السياسية التي استهدفت قيادات وأعضاء حركة النهضة في الجهات منذ فيفري ومارس 2023، تزامنًا مع تصاعد حملة الاعتقالات التي طالت معارضين وصحفيين ومحامين ونقابيين.
وقد اعتبرت حركة النهضة أنّ ما جرى في باجة “اعتقالات تعسفية تهدف إلى ترهيب الهياكل الجهوية ومنع النشاط الحزبي السلمي”، فيما رصدت منظمات حقوقية مثل العفو الدولية ومرصد الحرية لتونس توسّعًا خطيرًا في استعمال تهمة “التآمر على أمن الدولة” لتجريم التعبير السياسي والمعارضة المدنية.
ويضم المرصد صوته للجهات الحقوقية التي تعتبر أنّ قضية بوعلاقي تمثّل نموذجًا واضحًا لسياسة التتبعات الانتقائية التي تعتمدها السلطة التنفيذية ضدّ معارضيها عبر القضاء الاستثنائي، حيث تُركت الملفات مفتوحة دون أحكام أو إفراجات نهائية، في ما يشبه سياسة الاحتجاز السياسي المُطوّل لإبقاء المتهمين تحت الضغط.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
الإفراج الفوري عن محمد صالح بوعلاقي وجميع الموقوفين معه، لغياب الأدلة القانونية التي تبرّر استمرار احتجازهم.
وقف توظيف تهم الإرهاب والتآمر على أمن الدولة كوسيلة لتجريم النشاط السياسي السلمي.
ضمان محاكمة عادلة وشفافة تسمح لهيئة الدفاع بالاطلاع الكامل على الملف وممارسة حقها في الطعن.
إلغاء العمل بالمحاكم الاستثنائية في القضايا ذات الطابع السياسي وإعادتها إلى القضاء العدلي المستقل.
مراجعة سياسة الإيقاف التحفظي الطويل التي تحوّلت إلى عقوبة فعلية دون حكم قضائي.




