Skip links

المفوض السامي لحقوق الإنسان: الأحكام القاسية في قضية “التآمر” تمثل انتكاسة للعدالة وسيادة القانون

Volker Türk(فولكر تورك)

تونس 25 أفريل (نيسان) 2025 – أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، يوم الخميس، عن قلقه العميق إزاء الأحكام القاسية والطويلة التي صدرت مؤخرًا ضد 37 شخصًا في تونس على خلفية ما يعرف بـ”قضية التآمر”، معتبراً أن هذه الأحكام تمثل تراجعاً خطيراً للعدالة وسيادة القانون.

وقال تورك إن “الإجراءات القضائية شابتها انتهاكات جسيمة لحقوق المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية، مما يثير مخاوف جدية بشأن وجود دوافع سياسية وراء المحاكمة”.

وشملت قائمة المتهمين، الذين حوكموا بموجب قانون مكافحة الإرهاب والمجلة الجزائية، عدداً من الشخصيات العامة والسياسية المعروفة في تونس. وقد وُجهت إليهم تهم فضفاضة وواسعة النطاق، منها تكوين تنظيم إرهابي، والتخطيط لارتكاب جرائم إرهابية، وتمويل الإرهاب، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي. وتراوحت الأحكام الصادرة ضدهم بين 4 و66 سنة سجناً.

وأشار المفوض السامي إلى أن ثمانية من المتهمين ظلوا رهن الاحتجاز التحفظي منذ فيفري 2023، متجاوزين الحد الأقصى القانوني البالغ 14 شهراً وفقاً لمجلة الإجراءات الجزائية، مع فرض قيود على زيارات المحامين لهم. كما أُجريت الجلسات القضائية في عام 2025، وحُرم الموقوفون من الحضور المباشر، واقتصر حضورهم على الوسائل الافتراضية، استناداً إلى تشريع أُقرّ خلال جائحة كوفيد-19 دون مصادقة برلمانية.

وتمّت المحاكمة وسط غياب الشفافية، حيث لم تُعرض الأدلة على الملأ ولم يُتح للمتهمين أو لمحاميهم فحصها أو مناقشتها بشكل علني. كما مُنع العديد من الصحفيين وممثلي المجتمع المدني والدبلوماسيين من حضور الجلسات.

وأكد محامو الدفاع أن التهم استندت في مجملها إلى لقاءات نظمها المتهمون في إطار نشاط سياسي معارض، واجتماعات مع مواطنين أجانب، من ضمنهم دبلوماسيون، وهو ما لا يشكل جريمة بأي حال، ولا ينبغي الخلط بين الانخراط في الشأن العام وممارسة الإرهاب.

وفي تطور مقلق آخر، أُوقف المحامي أحمد الصواب، أحد أعضاء هيئة الدفاع، ووجهت إليه تهم تتعلق بالإرهاب بسبب تصريحات يُزعم أنه أدلى بها بعد صدور الأحكام، مما يثير تساؤلات إضافية بشأن قدرة المحامين على ممارسة مهنتهم بحرية وأمان.

ودعا تورك إلى ضمان تمتع جميع المتهمين بكافة حقوقهم القانونية خلال مرحلة الاستئناف، مؤكداً على ضرورة إسقاط التهم التي لا تستند إلى أدلة كافية على ارتكاب أفعال غير قانونية.

كما جدّد دعوته للسلطات التونسية إلى إنهاء نمط الاعتقالات والملاحقات ذات الطابع السياسي، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والنشطاء والسياسيين المحتجزين تعسفاً، وضمان احترام حقوقهم الأساسية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير.

واختتم تورك تصريحه قائلاً: “يجب أن تظل الاحتجازات السابقة للمحاكمة خياراً استثنائياً، مع احترام حدودها القانونية. كما أدعو تونس إلى الكفّ عن استخدام تشريعات الأمن القومي ومكافحة الإرهاب الفضفاضة لإسكات الأصوات المعارضة وتقييد الفضاء المدني، ومراجعة هذه القوانين بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.

وأضاف: “لقد كانت تونس نموذجاً يُحتذى به ومصدر إلهام للعديد من الدول بعد انتقالها السياسي في عام 2011، وآمل أن تعود قريباً إلى مسار الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان”.

شارك

المزيد من المقالات

نبيل القروي

نبيل القروي وشقيقه في مرمى القضاء مجددًا: شبهة فساد قديم تتحرك وفق اعتبارات سياسية

تونس، 10 جوان (يونيو) 2025 – أصدرت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بمحكمة الاستئناف بتونس، مؤخرًا، بطاقتي إيداع بالسجن في حق رجل الأعمال والمترشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي وشقيقه غازي القروي، مع قرار بإحالتهما على أنظار الدائرة الجنائية المختصة لدى المحكمة الابتدائية بتونس لمحاكمتهما من أجل شبهات فساد مالي وإداري وتبييض أموال…

المديرة التنفيذية لجمعية تفعيل الحق في الاختلاف، السّيدة سلوى غريسة

بعد نصف سنة من السجن: تمديد الايقاف التحفظي لسلوى غريسة دون تهم واضحة ولا محاكمة

تونس، 10 جوان (يونيو) 2025 – قرّر قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية ببنزرت، التمديد لمدة أربعة أشهر إضافية في الإيقاف التحفظي ضد سلوى غريّسة، المديرة التنفيذية لجمعية “تفعيل الحق في الاختلاف”، وهي جمعية تُعنى بحقوق الأقليات في تونس، وذلك دون أن تُعرض على أي محكمة ودون تسجيل أي تطور جوهري في ملفها القضائي منذ إيداعها السجن في ديسمبر 2024…

الطيب راشد

تأجيل محاكمة الطيب راشد ومتهمين آخرين استجابة لطلب المكلّف العام بنزاعات الدولة

تونس، 9 جوان (يونيو) 2025 – قرّرت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الإثنين، تأجيل النظر في القضية المرفوعة ضد الرئيس الأوّل السابق لمحكمة التعقيب الطيّب راشد وعدد من المتهمين الآخرين، إلى جلسة يوم 3 جويلية القادم، وذلك استجابة لطلب المكلّف العام بنزاعات الدولة لتقديم طلباته المدنية.

تأجيل محاكمة سنية الدهماني في قضية أخرى: المرسوم 54 يُلاحق حرية التعبير مجددًا

تونس، 9 جوان (يونيو) 2025 – قررت الدائرة الجناحية السادسة لدى المحكمة الابتدائية بتونس، اليوم الأربعاء، تأجيل النظر في القضية المرفوعة ضد المحامية والإعلامية سنية الدهماني إلى جلسة 16 جوان الجاري، وذلك في إطار تتبعها بمقتضى المرسوم عدد 54 المتعلّق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

وكان قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية قد قرّر في وقت سابق إحالة سنية الدهماني بحالة سراح أمام المحكمة، وذلك على خلفية تصريحات إعلامية أدلت بها في أحد البرامج، تمّ اعتبارها “إشاعات كاذبة” و”إساءة للغير”، وفقًا للفصل 24 من المرسوم ذاته…

نداء إلى العمل من أجل حقوق الإنسان في تونس

عريضة الموقع: الحرية لمعتقلي الرأي والنشطاء في تونس !

‎لم تعد تونس الاستثناء العربي الوحيد الذي أشعل فتيل الثورات في العالم سنة 2011 بثورة بطولية أطاحت بحكم زين العابدين بن علي، الذي ظل مستمرا لمدة تناهز 23 سنة بعد استيلاءه على السلطة في 7 نوفمبر 1987 خلفا للحبيب بورقيبة.

في خطوة مماثلة وربما أكثر خطورة، أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد ليلة 25 يوليو 2021 على القيام “بانقلاب دستوري” وفقا لتأويله الشخصي للفصل 80 من دستور الثورة 2014 مُعلنا اتخاذه مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بسبب “خطر داهم” يهدد البلاد التونسية دون تقديم أي تفاصيل وأسباب الى حدّ كتابة هذه الأسطر.

وبموجب تلك الإجراءات قرر سعيّد عزل الحكومة ورئيسها “هشام المشيشي” الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الأمن القومي تلك الليلة بقصر قرطاج، وزعم أنه اتصل برئيس البرلمان راشد الغنوشي (زعيم حزب حركة النهضة) للتشاور معه وفق ما يمليه الدستور، الأمر الذي نفاه الغنوشي مؤكدا انه اتصال عادي لم يتضمن أي مشاورات أو حديث حول فحوى الإجراءات الاستثنائية، وقام الرئيس بتجميد أعمال البرلمان ثم حله في مارس/ آذار 2022.

ولم يكتف الرئيس سعيّد بتجاوز صلاحياته وفصول الدستور التي أقسم على الحفاظ عليه أمام مجلس نواب الشعب بل وقام بتغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واعتبره “وظيفة” وليس سلطة مستقلة بذاتها وقام أيضا بتغيير تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحضيرا لمراحل انتخابية عقدها لفائدة تغيير دستور كتبه بنفسه وألغى آراء اللجان الاستشارية التي عينها بنفسه أيضا. ثم نظم انتخابات تشريعية على دورتين لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 8% من مجموع الناخيبن وتداركت هيئة الانتخابات الاحصائيات فيما بعد لتعلن أنها وصلت لـ11 %وهو الرقم الأدنى عالميا ومحليا.

بتاريخ 11 فبراير/شباط شن نظام الرئيس سعيد حملة اعتقالات لم تتوقف، شملت نشطاء سياسيين ورجال أعمال واعلاميين وصحفيين وقضاة وموظفين سامين في الدولة تحت عنوان “التآمر على أمن الدولة وارتكاب فعل موحش ضد رئيس الجمهورية” إضافة لتهم أخرى تم إحالتها على النيابة العسكرية ما يطرح أسئلة حول مدى تدخل الجيش التونسي في الإجراءات التي قام بها الرئيس سعيد.

وقد شابت عمليات الاعتقال التعسفي عدة خروقات وإخلالات إجرائية وسط تحذيرات من المنظمات والمراصد الدولية الناشطة بمجال حقوق الانسان ولم يتم احترام معايير التقاضي والإقامة السجنية وطالت الملاحقات في بعض الأحيان عائلات الضحايا وأسرهم ووظائفهم ولم يتم إثبات أي تهم أو وقائع منسوبة للمتهمين.

كما تتعرض النقابات والأحزاب السياسية لمضايقات مستمرة ولم يتوقف الرئيس سعيد عن اتهام كافة الأجسام الوسيطة بمختلف أنواعها “بالعمالة” أو “الخيانة” ولم تسلم المنظمات والجمعيات من الملاحقات والاعتقالات التعسفية والحرمان من التمثيل القانوني وسط ارتفاع وتيرة العنف في المجتمع بسبب تبني السلطات خطابات وشعارات عنصرية وتمييزية محرضة على الاقتتال وانتهاك الكرامة الإنسانية.

على ضوء كل ما تقدمنا به من أسباب نحن الموقعون أسفله نطالب:

أولا: بالدعوة لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين فوراً ودون قيد أو شرط كما نحثَ السلطات التونسية على احترام التزاماتها الدولية والمعاهدات الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها.

ثانيا: ندعو من السلطات التونسية أن توقف نزيف نسف الديمقراطية الناشئة والمحاكمات الجائرة والملاحقات المستمرة ضد خصوم النظام السياسيين وكل من ينتقده بالرأي او الكلمة او التعبير.

ثالثا: ندعو كل النشطاء والمتابعين للانخراط في المسار الوطني والدولي لإعادة الديمقراطية وإنهاء الحكم الفردي الذي عاد بتونس لسنوات الاستبداد والظلم وانتهاك الحقوق والحريات.