10 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 – رفضت إدارة السجن المدني بالمرناقية تنفيذ حكم قضائي صادر عن قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بمنوبة بتاريخ 6 جوان 2025، يقضي بتمكين أبناء السجين ريان الحمزاوي من زيارة والدهم زيارة مباشرة ودون حواجز. ويُعدّ هذا الرفض المتكرر (سابقا واجهت عبير موسي نفس الرفض) أمرا خطيرا تمسّ بمبدأ سيادة القانون وحقوق الطفل المكفولة دستورياً ودولياً، ويعكس استمرار سياسة العقاب الجماعي التي تُمارس ضد بعض الموقوفين في القضايا ذات الطابع السياسي.
خلفية القضية:
تقدّم ريان الحمزاوي، رئيس بلدية الزهراء سابقًا، بعريضة إلى قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بمنوبة لتمكين أبنائه القُصّر من زيارته زيارة مباشرة في السجن، بعد حرمانهم منها منذ إيقافه. وبعد جلسة استماع رسمية، أصدرت القاضية حكمها في القضية عدد 6918 بتاريخ 6 جوان 2025، معتبرة أن مصلحة الأطفال القُصّر تقتضي تمكينهم من هذا الحق الطبيعي.
غير أن إدارة السجن المدني بالمرناقية امتنعت عن تنفيذ الحكم القضائي رغم إبلاغها به رسميًا، ما أثار صدمة لدى عائلة الحمزاوي وهيئة الدفاع، واعتبرته الأخيرة سلوكًا انتقاميًا يهدف إلى الضغط النفسي على السجين عبر حرمانه من رؤية أبنائه.
ويقضي ريان الحمزاوي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 12 سنة صادرة عن الدائرة الجنائية الخامسة المختصّة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس بتاريخ 8 جويلية 2025، ضمن ما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة 2” التي شملت 21 متهمًا، تراوحت أحكامهم بين 12 و35 سنة. وتؤكد هيئة الدفاع أنّ ملف الحمزاوي يتضمّن أدلة براءة واضحة، وأنّ الحكم الصادر في حقه جاء في إطار مناخ سياسي متوتر تغيب فيه ضمانات المحاكمة العادلة.
يرى مرصد الحرية لتونس أنّ الحادثة تكشف عن جملة من الخروقات والإخلالات القانونية، أبرزها:
امتناع إدارة السجن عن تنفيذ حكم قضائي نافذ صادر عن جهة مختصّة، في خرق واضح لمبدأ سيادة القضاء.
حرمان الأطفال القُصّر من حقّهم في التواصل مع والدهم دون أي مبرّر قانوني أو أمني مشروع.
استعمال العقاب الإداري كوسيلة للانتقام السياسي من الموقوفين على خلفية قضايا رأي أو معارضة.
تجاهل مبدأ مصلحة الطفل الفضلى المنصوص عليه في الدستور التونسي واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل.
أوضاع إنسانية مؤلمة:
أشارت مصادر عائلية إلى أن أبناء ريان الحمزاوي يعيشون حالة نفسية صعبة جراء منعهم من رؤية والدهم منذ أشهر، وأنّ القرار القضائي كان بمثابة بارقة أمل للعائلة، قبل أن يُجهض بقرار إداري تعسفي. هذا الحرمان المستمر من التواصل الأسري يُعدّ شكلاً من أشكال العقاب الجماعي الذي يمسّ من كرامة السجين وحقوق أطفاله، ويُخالف المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء المعروفة بـ”قواعد نيلسون مانديلا”.
يعتبر المرصد أنّ رفض إدارة السجن تنفيذ قرار قضائي نهائي يُعدّ انتهاكًا صريحًا لمبدأ الفصل بين السلطات وتقويضًا لهيبة القضاء واستقلاليته. كما أنّ حرمان الأطفال من رؤية والدهم في زيارة مباشرة يُشكّل خرقًا جسيمًا لحقوق الطفل ولمبدأ المصلحة الفضلى الذي يعلو على كل اعتبار إداري أو سياسي.
ويحذّر المرصد من خطورة هذه الحادثة، التي إن تكررت سابقا مع عبير موسي، والتي تفتح الباب أمام انهيار العلاقة المؤسسية بين القضاء والإدارة، وتكرّس نموذج “الإفلات الإداري من تنفيذ الأحكام”.
يطالب مرصد الحرية لتونس بـ:
التنفيذ الفوري للحكم القضائي الصادر عن قاضي الأسرة وتمكين أبناء ريان الحمزاوي من زيارة والدهم دون حواجز.
فتح تحقيق إداري وقضائي عاجل في امتناع إدارة السجن عن تنفيذ حكم قضائي نافذ.
تحميل المسؤولية القانونية للإدارة العامة للسجون وكل من تورّط في تعطيل تنفيذ القرار القضائي.
ضمان حقّ الأطفال القصر في التواصل مع والديهم الموقوفين وفقًا لمعايير حقوق الطفل.
وضع حدّ لاستخدام الإدارة العقابية كأداة للتضييق السياسي ضد الموقوفين في القضايا ذات الطابع المعارض.